ملخص الدراسة:
ظلت تراكم الادارة العمومية المغربية إختلالات عدة تعتري جهازها الإداري، على مختلف مستوياته، خاصة بعد تضخم هياكلها وإمتزاج الأسلوب التقليدي مع الأسلوب العقلاني وتأثير وتأثر أحدهما بالأخر بشكل جعلها تؤدي خدماتها ببطء . فبالإطلاع على صيرورة تطور الادارة العمومية المغربية نجد مدى تأثير جهاز المخزن على الإدارة العمومية ومردوديتها كما نستطيع فهم سبب إنحراف الإدارة البيروقراطية عن مسارها العقلاني الى المسار السلبي . فقد رصدت الأطروحة دخول البيروقراطية إلى الإدارة المغربية بطريقة غير طبيعية، حيث كانت نتيجة تجانس مجتمعين مختلفين، مجتمع غربي استعماري حديث ومجتمع تقليدي خاضع له، حيث تم إرساء العديد من المؤسسات والمفاهيم الحديثة في المجال الإداري في عهد الحماية. وعلى الرغم من أن النظام المخزني استطاع، في مرحلة معينة، خلق بنيات إدارية ثابتة، ساهمت بشكل كبير في نشر الأمن، إلا أن احتكاك النمط المخزني بنمط أكثر حداثة أثر إلى حد كبير في النظام الإداري المخزني ودفعه إلى احتواء بنيات إدارية جديدة بتسير تقليدي .
ومن تم فإن إعتماد معايير الحكامة الادارية يؤدي الى تحديث الإدارة و فق مقاربة شمولية، أي بجميع مواردها المادية والبشرية وهياكلها، فتنتقل من وضعية بنيوية تقليدية إلى أخرى حديثة، من حيث التخطيط والتدبير والوسائل وتحقيق الأهداف، فلا يمكن أن ننجح في تحديث جانب معين ما لم نحدث جميع الجوانب الأخرى . تتطلب إذن عملية التحديث تخطيط علمي شامل واستباقي لتحديد أساليب التحديث وأولوياته وأهدافه وآلياته، ومن ثم تكون أرضية العمل جاهزة مسبقا لتجاوز المعيقات الإدارية، وترسيخ مبدأ التغيير الذي تتطلبه عملية التحديث التي تنقل المجتمع من طراز المؤسسات البسيطة التقليدية والمتشابهة إلى المؤسسات المتخصصة الحديثة، وفق خطة استراتيجة عامة ومتكاملة .
د. فاطمة الزهراء علام
جامعة الحسن الأول – 2017