الصين ، في المركز الاقتصادي العالمي الثاني ، بعد الولايات المتحدة الأمريكية ، ويبلغ حجم اقتصادها ، 13.6 تريليون دولار، أي نحو 15.8% من حجم الاقتصاد العالمي ، وعدد سكانها 1.43 مليار إنسان، أي نحو 19% من سكان العالم.
لذا ، فإن أي هزة اقتصادية ، أو سياسية ، أو وبائية ، لن تقتصر تداعياتها السلبية ، على الصين وحدها ، بل سوف تتأثر بها الكثير من الاقتصاديات العالمية.
ولما كانت التداعيات الاقتصادية لهذا الفيروس اللعين ، على الاقتصاد الصيني ، قد تجاوزت المعقول ، والمتوقع ، خاصة بالنسبة لقطاعات السياحة ، والتجارة ، والتجزئة ، والنقل ، فإنَّ النتائج الكارثية المحيطة بثاني أكبر اقتصاد بالعالم ، من جرَّاء ذلك ، انعكست سلباً على الاقتصاد العالمي.
حالة عدم اليقين حول فيروس كورونا ، تُلقي بظلالها القاتمة على المشهد الاقتصادي العالمي ، فكما جاء في تقرير نشرته صحيفة (وول ستريت جورنال) هناك حالة من الاضطراب تسود المشهد فيما يتعلق بالمستقبل ، والنتائج المترتبة على تعطل عجلة الإنتاج في الصين ، والآثار المحتملة على الاقتصاد العالمي والذي تعد الصين رقما لا يمكن تجاهله.
الكثير من دول العالم اتخذت إجراءات قاسية ضد الصين ، منها منع سفر مواطنيها إليها ، وكذلك منع الصينيين من القدوم إلى هذه الدول ، وتزامن ذلك مع قرارات تعليق رحلات شركات الطيران العالمية إلى الصين .
إغلاق الكثير من المصانع الصينية ، وإغلاق شركات كبرى لمكاتبها، وفروعها هناك، ومنها شركة آبل ، وستار بوكس ، وإغلاق مطاعم عالمية، كل ذلك ، ترتب عليه ، تعطل عجلة الإنتاج ، والتبادل التجاري ، بين الصين ، وبقية دول العالم ، ما يشي بخسائر عالمية تقدر بمليارات الدولارات.
في إحصائيات غير رسمية ، بلغت خسارة قطاع الخدمات الصيني من مطاعم ، ومقاهي ، ودور سينما ، وسياحة ، وغيرها نحو 144 مليار دولار خلال أسبوع واحد فقط !
بما يتصل بأسواق المال الصينية ، ووفقاً للمؤشر المعياري الصيني ، خسرت الصين نحو 393 مليار دولار، رغم ضخ السلطات الصينية مليارات الدولارات داخل هذا القطاع !
ومن المتوقع خلال الربع الأول من عام 2020 انخفاض نمو الاقتصادي الصيني من 6% إلى 4.5 % بما سيؤثر تبعاً لذلك على نمو الاقتصاد الأمريكي ، من 0.4% إلى 0.5% خلال الربع الأول من 2020 .
لنأخذ على سبيل المثال قطاع السياحة العالمي ، ومدى تأثره بتفشي فيروس كورونا ، إذ وفقاً لبيانات إحصائية ، بلغ عدد السياح المسافرين إلى الصين في عام 2019 نحو 141 مليون سائح ، ومن ثمَّ سوف تخسر الصين ، إذا استمر هذا الوباء إلى نهاية العام نحو 253 مليار دولار.
بالمقابل ، تعتبر الصين أكبر مُصدر للسياحة ، بنحو 7% من إجمالي حركة السياحة الوافدة ، فقد بلغ عدد السياح الصينيين حول العالم ، في عام 2018 نحو 150 مليون سائح صيني ، وإذا استمر الوباء إلى نهاية العام ، فمن المتوقع أن يتأثر قطاع السياحة العالمي فينخفض بنسبة 16%، مع خسائر متوقعة للقطاع تقدر بنحو 5.8 مليار دولار.
بالمناسبة ، يبلغ إنفاق الصين على السياحة الخارجية ، وفقاً لمنظمة السياحة العالمية نحو 277 مليار دولار ، ويعد السائح الصيني الأكثر إنفاقاً على المستوى العالمي.
وإثر ، توقف النشاط السياحي والصناعي والتجاري ، في الصين ، تراجع الطلب على النفط من أكبر مستورد بالعالم لهذه المادة الاستراتيجية , فهوت الأسعار بنحو 16% منذ الإعلان عن انتشار الوباء في الصين ، في وقت دعت به أوبك إلى اجتماع عاجل لبحث تداعيات انتشار الفيروس على أسعار النفط العالمية.
خلاصة القول ، الصين في عزلة دولية متصاعدة ، والعالم قلق جداً ، والخسائر بالمليارات ، وسوف تكون المعاناة أكبر وأخطر لو استمر تفشي فيروس كورونا لشهور إضافية أخرى.
د. عبدالمجيد الجلاَّل – إعلامي وومُحلل سياسي
جريدة كل الوطن – الخميس 20 فبراير 2020