أصحاب المشروعات الصغيرة في وضع لا يُحسدون عليه!

هناك من بدأ استغلال أزمة «كورونا» لتحقيق مكتسبات، مثل: عدم دفع مستحقات إيجارية، أو المطالبة بتسهيلات معينة، رغم أن القطاع الذي يعمل به لم يتأثر بدرجة كبيرة. هذا ما بدا واضحاً في الآونة الأخيرة، لكن في المقابل هناك من تضرر فعلياً، وبدرجة كبيرة جداً من هذه الأزمة، وكثير منهم اضطروا إلى إيقاف النشاط نهائياً خلال فترة ثلاثة أشهر تقريباً، هؤلاء يحتاجون اليوم إلى دعم وتسهيلات حكومية مباشرة وسريعة حتى يستطيعوا الوقوف مجدداً بعد أن أصابهم فيروس كورونا المستجد بضربات شبه قاضية!

ولعل معظم المحال الصغيرة يمكن تصنيفها ضمن الفئة الثانية، فئة الأكثر تضرراً من انتشار الفيروس، وتقييد الحركة، خصوصاً أن معظمها كانت خلال السنتين الماضيتين وقبل ظهور الفيروس في «ووهان» تصارع من أجل البقاء، وليس من أجل تحقيق ربح، وكانت تعمل ليل نهار من أجل المحافظة فقط على أعمالها في مستوياتها الدنيا، إلا أن ظهور الفيروس كان مثل تلك القشة التي قصمت ظهر البعير!

وهؤلاء، أصحاب هذه المحال، لايزالون يعانون، أحدهم بعث برسالة إلكترونية يقول فيها: «تراكمت عليَّ الإيجارات، خصوصاً في فترة الإغلاق، ووصلت المبالغ لمئات الآلاف، وصاحب العقار لم يستطع مساعدتي، فالعقار مرهون للبنك، والبنك يريد أمواله دون تفكير في أية عواقب أو ظروف، ولم يتنازل أو يسامح أو يؤجل درهماً واحداً، والآن أنا في حيرة حتى لو أغلقت سأخسر كل شيء، وصاحب العقار لن يتنازل عن التراكمات الإيجارية، يعني نهاية الطريق ستكون في المحاكم، وأنا في نهاية الأمر خسران.. خسران!».

الأمر لم ينتهِ عند هذا المستثمر الصغير، فالعمال أيضاً لهم مطالبات، ومع أنهم لم يعملوا مدة ثلاثة أشهر فإنهم يطالبون برواتبهم، والقانون هنا في صفهم، فهو يُلزم أصحاب العمل بدفع الرواتب، ولا يحق لهم تخفيض الرواتب، أو إعطاء العامل إجازة من دون راتب إلا بموافقة العامل!

ويلخص هذا الرجل الوضع قائلاً: «وضع السوق ليس على ما يرام، ونحن كأصحاب مشروعات صغيرة نحتاج إلى قرارات داعمة سريعة، ونحتاج إلى إعفاءات من الإيجارات في فترة الإغلاق الكامل، إضافة إلى تخفيض الإيجارات بما يعادل 60% حتى نهاية السنة، كما أننا نحتاج إلى تدخل حكومي عند البنوك التي ترفض التعاون والتسهيل بشكل قاطع».

بالتأكيد هذه حالة تمثل شريحة ليست قليلة في السوق، وهؤلاء معظمهم شباب وشابات قرروا المجازفة ودخول عالم الأعمال، كرواد أعمال صغار، لكنهم صُدموا بظروف صعبة للغاية، لم يعهدوها من قبل، ظروف أثرت في كبريات الشركات العالمية، فكيف بهم وهم مستثمرون صغار للغاية، وأعمالهم محدودة، وكذلك دخلهم وأرباحهم!

لذلك لابد من جهة حكومية تنظر في أمورهم، جهة تستطيع التحقق والتأكد من التأثيرات السلبية التي يمرون بها، ومن صدقية ظروفهم، فإن كانت بسبب «كورونا»، وجبت مساعدتهم ودعمهم، وتقديم التسهيلات اللازمة لهم، لمنعهم من الإغلاق والخسارة المؤذية، وإن كانت هناك ظروف أخرى لا علاقة لها بـ«كورونا»، فالقرار أيضاً بيد الجهة المعنية.. المهم إيجاد طريقة تنقذهم من الوضع الحالي الصعب، الذي يمرون به!

سامي الريامي

الإمارات اليوم – 30 يونيو 2020

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

القائد والقيادة ونجاح الأعمال

تعد القيادة الأساس في نجاح واستدامة جميع الأعمال المؤسسية الربحية وغير الربحية. القائد الناجح يفوض السلطة وينمي اتخاذ القرارات في الموظفين بشرط أن يكونوا على

تفاصيل »

في زمن تتحول فيه الأفكار إلى ثروات، والعقول إلى سلع يتم تداولها في بورصات خفية… فمن سيكون السيد الجديد لعصر الاقتصاد المعرفي؟

الاقتصاد المعرفي.. حين تصبح العقول هي الثروة الجديدة: نعيش اليوم فيما يعرف بـ «عالم الاقتصاد المعرفي»، عالم تتسارع فيه الخطى وتنقلب فيه الموازين حتى بات

تفاصيل »

النجاة في عالم إداري سريع التغير

في بيئة إدارية تتغير بسرعة غير مسبوقة، لم يعد البقاء مرهوناً بالكفاءة التقليدية وحدها، بل بقدرة المؤسسات وقادتها على التكيف السريع والابتكار المستمر، ويشهد العالم

تفاصيل »