الملخص:
شكل انتهاء الحرب الباردة وانهيار المعسكر الاشتراكي، منعطفًا كبيرًا بالنسبة للمجتمع الدولي، إذ سيفتح هذا الوضع الجديد، الباب على مصراعيه أمام الانتشار السريع للمبادئ الليبرالية سواء الاقتصادية منها أو السياسية، وستصبح الديمقراطية مطلبا ملحا لدى شعوب ودول المنظومة الاشتراكية سابقا، وكذا بالنسبة لباقي شعوب الدول النامية سواء بآسيا أو أمريكا اللاتينية أو أفريقيا.
إذ ستعرف العديد من البلدان مطالب متزايدة، تصبو إلى الانتقال نحو الديمقراطية عبر التغيير وإصلاح بنياتها السياسية والمؤسساتية والقانونية، داخل سيرورة تاريخية تتميز بتحول السلطة السياسية من نمط التدبير السلطوي، ووفق نهج سلمي وتدريجي، يصبو الى بناء تجربة سياسية جديدة تعتمد منظومة حكم اكثر ديمقراطية[1]، حتى تتمكن هذه الدول من مواكبة ومسايرة ركب العولمة السياسية والاقتصادية وتحقيق الاندماج الدولي والانخراط في العديد من المنظمات الدولية والإقليمية، فقد شكل فضاء ما بعد الحرب الباردة فرصة للشعوب من أجل اختيار نوعية أنظمتها السياسية، بعيدا عن قبضة الأنظمة التسلطية والكليانية أوأنظمة الحزب الواحد.
وبما أن هذه الدول الراغبة في تحقيق متطلبات الديمقراطية المتمثلة في: سيادة القانون؛ حقوق الإنسان؛ فصل السلط؛ التداول السلمي على السلطة؛ إجراء الانتخابات النزيهة والدورية، وإلى غير ذلك من سمات النظام الديمقراطي، تجد نفسها أمام صعوبات وعقبات جمة تواجهها أثناء عملية الانتقال نحوالديمقراطية، التي تتطلب حتما إدخال إصلاحات دستورية وتشريعية ومؤسساتية، سواء في المجال الاداري او القضائي او المالي، أو تلك المتعلقة بحماية وتعزيز حقوق الإنسان. حيث تبقى هذه الإصلاحات البالغة الاهمية في عملية الانتقال نحو الديمقراطية، رهينة في المقام الأول للارادة السياسية للفاعلين السياسيين داخل الدولة المعنية، وفي المقام الثاني بالضغوط الخارجية المقرونة بتوفير التمويلات المالية التي تعجز المقدرات الذاتية لهذه البلدان عن الوفاء بها، فعمليات البناء أو الإصلاح السياسي والمؤسساتي، كالاعتراف والإعمال للحقوق الإنسانية وإحداث البنيات المؤسساتية وإجراء الانتخابات الحرة والنزيهة على سبيل المثال، كلها أمور تحتاج في مراحل الانتقال نحو الديمقراطية إلى دعم مالي وتقني خارجي. هذا الوضع ساهم في بروز توجه تدخلي للمجتمع الدولي يروم دعم عمليات الدمقرطة واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية باعتبارها مداخل هامة لرساء السلم والأمن الدوليين.
محمد المصطفى بن الحاج
جامعة الحسن الأول – 2018