الملخص:
أدى اعتماد الشركات في السنوات الأخيرة على معلومات محاسبية لا تُعبر بصدق وعدالة عن الوضع المالي الحقيقى لها إلى فشل العديد من هذه الشركات، وخاصة بعد قيامها بإتخاذ بعض القرارات المالية الخاطئة مثل زيادة قروض الرهن العقارى. وقد ترتب على ذلك تزايد الإهتمام بآليات حوكمة الشركات، وخاصة إدارة المخاطر بمفهومها الحديث كآلية داخلية للحوكمة وركن رئيسي من أركانها.
وقد بين البحث الحالي مدى تَعدد الدراسات المحاسبية التي تناولت العوامل المؤثرة على جودة التقارير المالية، والتي تعتبر حوكمة الشركات بآلياتها الداخلية والخارجية من أهم هذه العوامل تأثيراً على جودة هذه التقارير. وبرغم تعدد وتنوع الدراسات التي تناولت أثر آليات الحوكمة على جودة التقارير المالية، إلا أن إدارة المخاطر بمفهومها الحديث كآلية داخلية للحوكمة لم تنل الإهتمام الكافي من قبل الباحثين كأحد العوامل المؤثرة على جودة التقارير المالية. لذا تناول البحث الحالي هذه العلاقة من خلال إجراء دراسة تطبيقية على عينة من شركات المساهمة المقيدة ببورصة الأوراق المالية المصرية .
وفي سبيل تحقيق هدف البحث ، اشتملت الدراسة بشقيها النظرى والعملى على خمسة فصول. إذ تناول الفصل الأول الإطار العام للبحث. وتعرض الفصل الثانى للإطار النظرى للبحث وإشتقاق فرضي البحث، وذلك بداية من التطور التاريخي لإدارة المخاطر من الستينات وتركيزها على التأمين فقط مرورﴽ بالسبعينات واعتمادها على مدخل فردى لإدارة المخاطر، وإنتهاءﴽ بالتعامل مع المخاطر من منطلق شامل يطلق عليه إدارة مخاطر المشروع . وقد رَكزت الدراسات السابقة على ثلاثة إتجاهات، حيث تناول الإتجاه الأول محددات تطبيق إدارة المخاطر، ورَكز الإتجاه الثانى على أثر تطبيق إدارة المخاطر على الأداء المالي للشركة، بينما إهتم الإتجاه الثالث بتطبيق إدارة المخاطر الفعالة وأهم المعايير والإصدارات المتعلقة بها، وأهم المقاييس المستخدمة لقياس فعالية تطبيق إدارة مخاطر فعالة .
كما تناول البحث استعراضاً لبعض الدراسات التي إهتمت بجودة التقارير المالية، حيث تبين من هذه الدراسات عدم إتفاقها على مفهوم واحد لجودة التقارير المالية. إذ تناولها البعض تحت مسمى جودة المعلومات المحاسبية، وتناولها البعض الآخر تحت مسمى جودة معايير المحاسبة، في حين تناولها معظم الدراسات تحت مسمى جودة الأرباح، وتناولها بعض الدراسات تحت مسمى جودة المحاسبة. وقد رَكزت هذه الدراسات على ثلاثة أبعاد. إذ يُمثل البعد الأول أثر خصائص مجلس الإدارة ( تكوينه، حجمه،استقلاله، خبرته المالية) على جودة التقارير المالية. ويُمثل البعد الثانى أثر خصائص هيكل الملكية ( الملكية المؤسسية، كبار الملاك، الملكية الإدارية) على جودة التقارير المالية . أما البعد الثالث فيُمثل أثر خصائص لجنة المراجعة ( حجمها، تكوينها، خبرتها المالية) على جودة التقارير المالية. بالإضافة إلى ذلك تم تناول أهم المقاييس المستخدمة لقياس جودة التقارير المالية.
كما تناول الباحث أهم الدراسات التي رَكزت على العلاقة بين إدارة المخاطر كآلية داخلية للحوكمة وجودة التقارير المالية. إذ تم عرض الإفصاح عن المخاطر كآلية لإدارة المخاطر وأثر ذلك على جودة التقارير المالية. كما تم تناول أثر التحفظ المحاسبى كآلية لإدارة المخاطر على جودة التقارير المالية. أيضا تم عرض علاقة إدارة المخاطر بالرقابة الداخلية وأثر ذلك على جودة التقارير المالية. وقد إتضح للباحث قلة الدراسات التي تناولت أثر تطبيق إدارة المخاطر على جودة التقارير المالية. لذلك تم إشتقاق الفرض الأول من البحث في صورته البديلة وهو ” يؤثر تطبيق إدارة المخاطر ايجابياً على جودة التقارير المالية” .
وقد رَكز الباحث في الفرض الأول من البحث على إختبار تأثير تطبيق إدارة المخاطر على جودة التقارير المالية دون معرفة أو تحديد الفعالية في عملية تطبيق إدارة المخاطر. وتوقع الباحث أن الشركات التي تطبق إدارة مخاطر فعالة تتحسن فيها جودة التقارير المالية بشكل أكبر من تلك الشركات التي تطبق إدارة مخاطر غير فعالة ، أو التي لا تطبق إدارة مخاطر من الأساس. وبالتالي كان الفرض الثانى في صورته البديلة هو” يزيد التأثير الإيجابي لتطبيق إدارة المخاطر على جودة التقارير المالية في الشركات التي تطبق إدارة مخاطر فعالة عن الشركات التي تطبق إدارة مخاطر غير فعالة ” .
وتناول الفصل الثالث منهجية البحث والدراسة التطبيقية لإختبار فرضي البحث. وفي سبيل تحقيق ذلك تناول الباحث مجتمع وعينة الدراسة، ومصادر البيانات، ومتغيرات ونماذج الدراسة، والأساليب الإحصائية المستخدمة. وقد تم الاعتماد على تحليل الإنحدار المتعدد لقياس أثر تطبيق إدارة المخاطر على جودة التقارير المالية ، حيث تم قياس المتغير المستقل، والذي يُمثل تطبيق إدارة المخاطر بمتغير وهمي يأخذ القيمة (1) في حالة تطبيق الشركة إدارة للمخاطر( سواء أكان لديها مدير للمخاطر أو لديها لجنة إدارة مخاطر )، والقيمة (صفر) في حالة عدم تطبيق الشركة لإدارة المخاطر. بينما يُمثل المتغير التابع جودة التقارير المالية، والذي تم قياسه من خلال الاستحقاقات الإختيارية كمؤشر عكسي لجودة التقارير المالية وفقا لدراسة Dechow et al. (1995) .
كما اعتمد الباحث على مجموعة من المتغيرات الرقابية، والتي تُمثل أهم المتغيرات التي تم استخدامها من قبل العديد من الدراسات السابقة. وتتمثل هذه المتغيرات في حجم الشركة، ومعدل دوران المخزون، ومكتب المراجعة ، وتَعديل القوائم المالية، والضعف الجوهري في الرقابة الداخلية( متمثلة في وجود رأى متحفظ لمراقب الحسابات)، ونسبة التداول، ومعدل دوران الأصول، وطبيعة الصناعة .
وقد تم استخدام تحليل الإنحدار المتعدد لقياس أثر تطبيق إدارة مخاطر فعالة على جودة التقارير المالية، حيث تم قياس المتغير المستقل، والذي يُمثل درجة فعالية إدارة المخاطر من خلال تكوين مؤشر لإدارة المخاطر كمحصلة لتأثير ستة عوامل هي حجم لجنة المخاطر، واستقلالها، والخبرة المالية لأعضائها، وقوتها، وإلتزامها بدليل حوكمة الشركات، ومدى الإفصاح عن المخاطر المالية وغير المالية. بينما تم قياس المتغير التابع، والذي يُمثل جودة التقارير المالية من خلال الاستحقاقات الإختيارية كما سبق مع استخدام نفس متغيرات الرقابة. كما تم استخدام تحليل الإنحدار المتعدد لقياس أثر عوامل فعالية إدارة المخاطرعلى جودة التقارير المالية. وقد تم قياس المتغير المستقل، والذي يُمثل كل عامل من عوامل الفعالية بمتغير وهمي.
وتناول الباحث في الفصل الرابع تحليل نتائج الدراسة التطبيقية وإختبار فرضي البحث، من خلال أربعة أقسام ، حيث عرض القسم الأول تحليل نتائج إختبار الفرض الأول من البحث، والذي رَكز على أثر تطبيق إدارة المخاطر على جودة التقارير المالية. إذ توصلت الدراسة إلى وجود تأثير ايجابي ومعنوى لتطبيق إدارة المخاطر كآلية داخلية لحوكمة الشركات على جودة التقارير المالية، حيث أظهرت النتائج أن الاستحقاقات الإختيارية كمؤشر عكسي لجودة التقارير المالية تنخفض في الشركات المطبقة لإدارة المخاطر، أو بمعنى أخر تزيد جودة التقارير المالية في هذه الشركات بالمقارنة بالشركات التي لاتطبق إدارة المخاطر. ويشير ذلك إلى قبول الفرض الأول في صورته البديلة والخاص بأنه يوجد أثر ايجابي لتطبيق إدارة المخاطر على جودة التقارير المالية
وفيما يتعلق بأثر متغيرات الرقابة على جودة التقارير المالية، توصل الباحث إلى وجود تأثير إيجابي ومعنوى لكل من حجم الشركة، ووجود مكتب مراجعة دولى من بين الأربعة الكبار على جودة التقارير المالية. كما تم التوصل أيضا إلى وجود تأثيرسلبي ومعنوى لكل من معدل دوران المخزون، وتَعديل القوائم المالية، ونسبة التداول على جودة التقارير المالية. أيضا تم التوصل إلى وجود تأثير ايجابي ولكن غير معنوى لوجود ضعف جوهرى في الرقابة الداخلية على جودة التقارير المالية. بينما لم يتوصل الباحث إلى وجود تأثير معنوى لمعدل دوران الأصول على جودة التقارير المالية في ظل تعيين مدير للمخاطر، في حين كان التأثير إيجابياً ومعنوياً في ظل وجود لجنة مخاطر.
وتناول القسم الثانى من الفصل الرابع تحليل نتائج إختبار الفرض الثانى من البحث والمتعلق بأثر تطبيق إدارة مخاطر فعالة على جودة التقارير المالية. وقد توصل الباحث إلى وجود أثر ايجابي ومعنوى لتطبيق إدارة مخاطر فعالة كآلية داخلية لحوكمة الشركات على جودة التقارير المالية، بما يشير إلى قبول الفرض الثانى في صورته البديلة والخاص بأنه يزيد التأثير الايجابي لتطبيق إدارة المخاطر على جودة التقارير المالية في الشركات التي تطبق إدارة مخاطر فعالة عن الشركات التي تطبق إدارة مخاطر غير فعالة .
وتعرض القسم الثالث إلى إختبار تأثير كل عامل من العوامل الستة المكونة لفعالية إدارة المخاطر على جودة التقارير المالية كل على حدة . وقد توصلت الدراسة إلى أن الخبرة المالية لدى أعضاء لجنة المخاطر تُعد أهم عنصر يؤثر على فعالية إدارة المخاطر ، ويأتى حجم لجنة المخاطر في المرتبة الثانية، ويليه الإلتزام بدليل الحوكمة، ثم استقلال لجنة المخاطر، ثم مدى الإفصاح عن المخاطر المالية وغير المالية، ثمقوة لجنة المخاطر. وقد أظهرت النتائج وجود تأثير إيجابي ومعنوى للأربعة عوامل الأولى للفعالية على جودة التقارير المالية ، بينما كان هذا التأثير إيجابياً ولكن غير معنوى بالنسبة لكل من الإفصاح عن المخاطر المالية وغير المالية ، وقوة لجنة المخاطر.
وتناول القسم الرابع كيفيةالتفرقة بين أثر تطبيق إدارة المخاطر الفعالة، وإدارة المخاطر غير الفعالة، وعدم تطبيق إدارة مخاطر أساساً وأثر ذلك على جودة التقارير المالية. وقد فرق الباحث بين الشركات التي تطبق إدارة مخاطر فعالة والشركات التي تطبق إدارة مخاطر غير فعالة بأسلوبين مختلفين، حيث اعتمد في الأسلوب الأول على تحديد عوامل تُعبر عن فعالية إدارة المخاطر (حجم لجنة المخاطر ، واستقلالها، وخبرتها المالية، وقوتها، وإلتزامها بدليل الحوكمة المصري، والإفصاح عن المخاطر المالية وغير المالية) . إذ يُعطى لكل مشاهدة قيمة تترواح بين القيمة ( صفر) والقيمة (6) كمؤشر على فعاليتها، حيث تأخذ الشركة التي لا تطبق إدارة مخاطر القيمة ( صفر)، وتأخذ الشركة التي تطبق إدارة مخاطر غير فعالة قيمة تتراوح بين القيمة (1) والقيمة (3) ، في حين تأخذ الشركة التي تطبق إدارة مخاطر فعالة قيمة من (4) إلى (6) . وقد توصلت الدراسة إلى وجود فرق معنوى بين الشركات المطبقة لإدارة مخاطر فعالة، والشركات غير المطبقة لإدارة مخاطر فعالة من ناحية أخرى، أو الشركات غير المطبقة لإدارة المخاطر من الأساس، وذلك من حيث الـتأثير على جودة التقارير المالية.
بينما اعتمد في الأسلوب الثانى على الأداء المالي للشركة مقاساً بمعدل العائد على الأصول ، حيث اعتبر الباحث أن الشركات المطبقة لإدارة مخاطر وتحقق معدل عائد على أصولها يفوق متوسط معدل العائد على الأصول في القطاع الذي تنتمي إليه الشركة مطبقة لإدارة مخاطر فعالة. وقد توصلت الدراسة إلى وجود فرق معنوى بين الشركات المطبقة لإدارة مخاطر فعالة، والشركات غير المطبقة لإدارة المخاطر أو المطبقة لإدارة مخاطر غير فعالة من ناحية آخرى، وذلك من حيث تأثيرها على جودة التقارير المالية .
نتائج البحث :
توصل الباحث في هذا البحث إلى بعض النتائج ذات الأهمية في كلا المجالين النظرى والعملى. فقد تبين من تحليل الدراسات السابقة أن هناك إتجاهاً متزايداً في الدول المختلفة نحو تطبيق إدارة المخاطر بمفهومها الحديث ، وخاصة بعد الكوارث والأزمات المالية الأخيرة التي تعرض لها العديد من الدول . إذ تم تناول إدارة المخاطر بمفهومها الحديث في العديد من المجالات سواء في مجال التمويل، أو في مجال المحاسبة والمراجعة.
وتناول معظم الدراسات في مجال التمويل محددات تطبيق إدارة المخاطر في أي شركة وهي حجم الشركة، وربحيتها، ومدى اعتمادها على الديون لتمويل أصولها، ونوع القطاع الذي تنتمي إليه الشركة، ومعدل دوران المبيعات بها، وتعدد القطاعات التي تعمل بها الشركة، وبعض خصائص الحوكمة كاستقلال مجلس الإدارة ، وهيكل الملكية، ووجود مدير للمخاطر. كما رَكز بعض الدراسات أيضا على أثر تطبيق إدارة المخاطر على الأداء المالي للشركة. وقد كانت النتائج متباينة ومتفاوتة، حيث توصل البعض إلى وجود تأثير ايجابي لتطبيق إدارة المخاطر على الأداء المالي للشركة، بينما توصل البعض الآخر إلى وجود تأثير سلبي لتطبيق إدارة المخاطر على الأداء المالي للشركة. في حين لم يتوصل البعض إلى وجود تأثير معنوى لتطبيق إدارة المخاطر على الأداء المالي للشركة.
وإهتم العديد من الدول، والمنظمات، والدراسات بمفهوم إدارة المخاطر المتكاملة أو الفعالة، والذي إنعكس في شكل إصدارات لجنة COSO، ومعيار إدارة المخاطر في إستراليا ونيوزيلندا، وبريطانيا ، والمعيار الدولى ISO 31000 . كما قام بعض الدراسات بتحديد العوامل التي تساعد على التطبيق الفعال والناجح لإدارة المخاطر.
وقد رَكز معظم الدراسات في مجال المحاسبة المالية على بعض آليات إدارة المخاطر، حيث رَكز معظم الدراسات على الإفصاح عن المخاطر في التقارير المالية، سواء كان الإفصاح عن أنواع المخاطر( مالية، غير مالية)، أو أنوع الإفصاح عن المخاطر( كمية ، وصفية)، أو مكان الإفصاح عنها سواء في صلب القوائم المالية أو بالإيضاحات المتممة للقوائم المالية، أو العوامل المؤثرة على درجة الإفصاح عن المخاطر( حجم الشركة، طبيعة النشاط، القيد في البورصة،..إلخ) كما تبين للباحث أنه في مصر يتم الإفصاح عن المخاطر في الإيضاحات المتممة للقوائم المالية، سواء بالنسبة للمخاطر المالية ( خطر السوق، وخطر الائتمان، وخطر السيولة )، أو مخاطر رأس المال للمحافظة على استمرارية الشركة في المستقبل، أو المخاطر السياسية، والاقتصادية، والتنظيمية. وبالتالي يتم الإفصاح عن الأدوات المالية ومخاطرها فقط دون أنواع المخاطر الأخرى.
وتعرض العديد من الدراسات لأثر التحفظ المحاسبى كألية من آليات إدارة المخاطر على جودة التقارير المالية. وقد تباينت نتائج تلك الدراسات، حيث توصل بعضها إلى وجود أثر ايجابي للتحفظ المحاسبى على جودة التقارير المالية، بينما توصل البعض الآخر إلى وجود أثر سلبي للتحفظ المحاسبى على جودة التقارير المالية، في حين لم يتوصل بعض الدراسات إلى وجود أثر معنوى للتحفظ المحاسبى على جودة التقارير المالية.
أفادت بعض الدراسات في مجال المراجعة على أثر الرقابة الداخلية كآلية لإدارة المخاطر على جودة التقارير المالية . وقد توصل بعض الدراسات إلى أن الإفصاح عن الضعف الجوهرى في نظام الرقابة الداخلية للشركة ككل يؤثر سلبياً على جودة التقارير المالية، وذلك بخلاف الإفصاح عن ضعف الرقابة الداخلية لحساب معين من حسابات الشركة. كما أظهرت بعض الدراسات أن الإفصاح عن القصور في الرقابة الداخلية يؤثر سلبياً على جودة التقارير المالية، حيث أن القصور الجوهرى في نظام الرقابة الداخلية يؤدى إلى أخطاء متعمدة.
وتناول عدد قليل من الدراسات أثر تطبيق إدارة المخاطر على جودة التقارير المالية ، حيث إختبرت إحدى الدراسات هذا الأثر من خلال توزيع قائمة استقصاء على ما أسمته ثالوث الحوكمة ( المديرون الماليون، والمراجعون الخارجيون، وأعضاء لجنة المراجعة ) لاستطلاع أرائهم فيما يتعلق بأثر تطبيق إدارة المخاطر على جودة التقارير المالية. وقد أوضح المشاركون في هذه الدراسة وجود أثر ايجابي لتطبيق إدارة المخاطر على جودة التقارير المالية. بينما تناولت دراسة أخرى أثر تطبيق نظام الرقابة الداخلية وإدارة المخاطر وفقا للقانون الألمانى KTG على جودة التقارير المالية. وقد توصلت تلك الدراسة إلى أن الرقابة الداخلية وإدارة المخاطر لهما تأثير إيجابي على جودة التقارير المالية .كما تناول عدد قليل من الدراسات أثر فعالية إدارة المخاطر على جودة التقارير المالية. وقد تناولت إحدى هذه الدراسات أثر تطبيق إدارة مخاطر فعالة على إدارة الأرباح، حيث توصلت إلى أن تطبيق إدارة مخاطر فعالة يحد من عملية إدارة الارباح كمؤشر عكسي لجودة التقارير المالية. كما تناولت دراسة أخرى أثر جودة الرقابة الداخلية كجزء من إدارة المخاطر الفعالة على جودة الأرباح كمقياس لجودة التقارير المالية، وتوصلت إلى وجود أثر ايجابي لتطبيق إدارة مخاطر فعالة على جودة التقارير المالية.
وقد أظهرت نتائج الدراسة الحالية أن 10.2% فقط من عينة الدراسة يطبقون إدارة المخاطر من خلال تعيين مدير مخاطر. كما بينت النتائج أن 34.3% فقط من عينة الدراسة لديهم لجنة مخاطر كما إتضح ذلك من قبل بجدول (4-5) . وقد أظهرت نتائج إختبار فرض الدراسة الأول وجود تأثير ايجابي ومعنوى لتطبيق إدارة المخاطر سواء أكان لدى الشركات مدير للمخاطر، أو لديها لجنة مخاطر كآلية داخلية لحوكمة الشركات، على جودة التقارير المالية، حيث تبين للباحث أن الاستحقاقات الإختيارية كمؤشر عكسي لجودة التقارير المالية تنخفض في الشركات المطبقة لإدارة المخاطر، أو بمعنى أخر تزيد جودة الأرباح، وبالتالي جودة التقارير المالية في هذه الشركات بالمقارنة بالشركات التي لاتطبق إدارة المخاطر.
وفيما يتعلق بأثر متغيرات الرقابة على جودة التقارير المالية، توصلت الدراسة إلى وجود تأثير إيجابي ومعنوى لكل من حجم الشركة، ووجود مكتب مراجعة دولى من الأربعة الكبار على جودة التقارير المالية. كما بينت النتائج وجود أثر سلبي ومعنوى لكل من معدل دوران المخزون، وتَعديل القوائم المالية، ونسبة التداول على جودة التقارير المالية . من ناحية آخرى، أظهرت النتائج وجود تأثير إيجابي ولكن غير معنوى للضعف الجوهرى في الرقابة الداخلية( إبداء رأي متحفظ لمراقب الحسابات)على جودة التقارير المالية . كما أظهرت النتائج أيضا وجود أثر إيجابي ومعنوى لمعدل دوران الأصول على جودة التقارير المالية في ظل وجود لجنة مخاطر ، ولكن كانت هذه العلاقة غير معنوية في ظل تعيين مدير مخاطر. وقد قام الباحث بإدراج طبيعة الصناعة كمتغير رقابي من خلال تقسيم عينة الدراسة إلى ثلاثة قطاعات هي القطاع الصناعي، والقطاع الخدمي، والقطاع الاستهلاكي، حيث تختلف طبيعة الصناعة من حيث درجة وأنواع المخاطر التي تتعرض لها مما يؤثر جوهرياً على جودة التقارير المالية.
كما توصلت الدراسة إلى أن 69.4 % من عينة الدراسة إما أنها لا تطبق إدارة المخاطر أو لا تطبق إدارة فعالة للمخاطر، وأن 13.9% من عينة الدراسة لديهم ضعف في فعالية تطبيق إدارة المخاطر، وأن 16.37% فقط من عينة الدراسة تطبق إدارة مخاطر فعالة كما ظهر من قبل بجدول (4-10B). وأظهرت نتائج إختبار فرض الدراسة الثانى وجود أثرايجابي ومعنوى لتطبيق إدارة مخاطر فعالة كآلية داخلية لحوكمة الشركات على جودة التقارير المالية ، وذلك بعد تكوين مؤشر لدرجة فعالية إدارة المخاطر مكون من ستة متغيرات )هي حجم لجنة المخاطر، والخبرة المالية للجنة المخاطر، وقوة لجنة المخاطر، واستقلال لجنة المخاطر، وإلتزام لجنة المخاطر بدليل حوكمة الشركات المصرى من خلال تقديم دورى لمجلس الإدارة، والإفصاح عن المخاطر المالية وغير المالية( .
كما بينت نتائج إختبار أثر كل عامل من عوامل فعالية إدارة المخاطر على جودة التقارير المالية، أن 25.9% من عينة الدراسة لديهم لجنة مخاطر كبيرة الحجم (يزيد عدد أعضائها عن ثلاثة أعضاء)، و19.4% من عينة الدراسة لديهم لجنة مخاطر مستقلة ( يزيد عدد أعضائها المستقلين عن 50% من حجم اللجنة)، و19.4% من عينة الدراسة أيضا لديهم لجنة مخاطر لدى أعضائها خبرة مالية ومحاسبية، و13.9% لديهم لجنة مخاطر قوية( تزيد نسبة عدد أعضائها عن 50% من عدد أعضاء مجلس الإدارة)، 15.7% لديهم لجنة مخاطر ملتزمة بدليل الحوكمة (من خلال إعداد تقرير دورى لمجلس الإدارة عن المخاطر التي تتعرض لها الشركة)، و15.7% من عينة الدراسة تفصح عن مخاطر مالية ومخاطر غير مالية .
وقد توصلت الدراسة إلى أن الخبرة المالية لدى أعضاء لجنة المخاطر تُعد أهم عنصر يؤثر على فعالية إدارة المخاطر، بينما يكون هذا التأثير غير معنوي بالنسبة للإفصاح عن المخاطر المالية وغير المالية، وقوة لجنة المخاطر.
كما قام الباحث أيضا بالتفرقة بين أثر تطبيق إدارة مخاطر فعالة، وإدارة مخاطر غير فعالة، وعدم تطبيق إدارة للمخاطر وأثر ذلك على جودة التقارير المالية. وقد توصل الباحث إلى وجود فرق معنوى بين الشركات المطبقة لإدارة مخاطر فعالة من ناحية، والشركات غير المطبقة لإدارة مخاطر، أو الشركات غير المطبقة لإدارة مخاطر من ناحية آخرى، وذلك من حيث الـتأثير على جودة التقارير المالية .
حسام حسن محمود الشعراوي
جامعة الأسكندرية – 2017