سيرته الذاتية:
ولد فايول، هنري في عام 1841م لعائلة فرنسية برجوازية. تعلم في الليسيه في ليون وتخرج مهندسًا صناعيًا في مدرسة المناجم بسانت اتينيه. وعمل في عام 1860م مديرًا لمجموعة من مناجم الفحم في كومنتري بفورشامبولت – فرنسا، حيث عمل فيها لفترة الثمانية والخمسين سنة التالية من عمره، وتقلد مناصب ذات مسئولية عالية. وتقلد في العشرين عامًا الأخيرة منصب المدير العام نظرًا لمهارته كمدير ناجح، وفي الوقت الذي ترك العمل في المنشأة كان قد بلغ عدد العاملين فيها نحو عشرة آلاف عامل، وهو عدد ضخم في ذلك الوقت. وعين في عام 1888م فارسًا في فيلق الشرف، وهو المرادف لمنصب الفارس الإنجليزي. وكان عمله المميز في الإدارة هو “الإدارة العامة للمصانع” والذي نشر في مجلة رابطة صناعة المعادن في عام 1916م . وكرس فايول ما تبقى من حياته بعد تقاعده للإعلان عن نظريته عن الإدارة التي وضعها فيما بعد في كتابه لعام 1916م. وقد توفي عام 1925م.
مساهماته:
كانت مساهمات فايول، هنري في مجال الإدارة عديدة ومهمة. وقد ألهمه فهمه الواسع بدور المدير ومبادئ الإدارة ليصبح مفكرًا بارزًا لديه إدراك ذاتي وخبرة هائلة. وقد تمثلت بعض أفكاره التقدمية في الآتي:
- إن النشاط الإداري نشاط متميز عن الأنشطة الإنسانية الأخرى، ويعتبر عنصرًا مهمًا للعديد من المهام والأنشطة الإنسانية العديدة.
- إن الإدارة شيء قائم بذاته، بغض النظر عمن يقوم بها، وبأي وضع، لذلك فإن الزوجة ربة البيت تدير بيتها، ورئيس الكلية يدير الكلية، ووزير الدولة يدير وزارته، وكذلك المدير في مصنعه وكلهم يؤدون الشيء نفسه .. “الإدارة”.
- يتطلب تعلم تحمل مسئوليات الإدارة اهتمامًا ومنهاجًا دراسيًا خاصاً. وهناك جزء جوهري لنظرية مهمة ومعلومات يمكن أن يتم تعريفها، وتعمل كأساس للمقرر التعليمي في الإدارة في المستوى الجامعي.
- لا يوجد مدير يجيد العمل في كل المهام الإدارية. لذلك ففي أية منظمة كبيرة يحتاج المدير إلى موظفين متخصصين يقومون بتغطية التخصصات الأخرى.
- يجب أن يقتصر نطاق الإشراف على حوالي ستة مرءوسين ولا يتجاوز اثني عشر مرءوسًا .
- يؤثر المدير الأعلى في المنظمة على كل المنظمة بوصفه قدوة. ويكون قدوة يحتكم إليها أعضاء المنظمة، ويبقى الأمر كذلك بغض النظر عما إذا كانت القدوة سيئة أم جيدة.
- يحاول المدير الجيد تجنب التفاصيل الصغيرة في العمل التي يمكن تفويضها للمرءوسين. والتفاصيل الصغيرة ليست من صميم عمل الإدارة العليا.
- ينبغي على المدير أن يقاوم بقوة الضغوط من أجل وضع العديد من القوانين أو الروتين، أو أوراق الضبط والربط. وهناك ميل للإفراط في مثل هذه الأمور في المنظمة، والدور المهم بالنسبة للمدير هو أن يحارب من أجل الحد منها. وتكفي هذه الأفكار لتبين أن فايول له نظرة تقدمية سابقة لزمانه عن الإدارة.
تعريف الإدارة:
يعرف فايول الإدارة بأنها عبارة عن مجموعة من الأنشطة أو الوظائف. وتتمثل هذه الأنشطة أو الوظائف في التخطيط والتنظيم والأمر والتنسيق والرقابة. وهذا المنهج يعتبر منهجًا مهمًا لأنه لا يقيم وزنًا للدور أو المنصب. ولذا فمن الواضح أن فايول يعد الأنشطة الإدارية جزءًا من الأنشطة الإنسانية، وأن كل شخص يقوم بعمل إداري ما. والأمر الذي يميز ما بين العامل والمدير هو ليس أن واحدًا منهم يقوم بأنشطة إدارية والآخر لا يقوم بذلك. بل يعتمد على حجم الوقت الذي يقضى في الأنشطة الإدارية. إن الفرق بين ما يقوم به المدير وما يقوم به الآخرون في داخل المنشأة هو الفرق في الدرجة وليس في النوع. مما تقدم من رؤى فايول يبدو أنه لم يكن يعتبر العاملين “أيادي عاملة”.
وظائف الإدارة:
وضع فايول عددًا من الوظائف الإدارية تتمثل فيما يلي:
أولاً: التخطيط (Planning):
إن التخطيط هو عملية تنبؤ للأحداث والظروف فيما يتعلق بالاحتمالات الخارجية والترتيب للتغيير الداخلي الذي يجعل المنظمة أكثر استفادة من الاحتمالات. ومن الاهتمامات الخاصة اعتراف فايول بالحاجة إلى توافر “شجاعة أخلاقية” من جانب المدير. ويعني فايول بذلك أنه يجب على المدير أن يلتزم التزامًا عامًا باتخاذ القرار المناسب عندما يعلم أن الخطط لن تعمل بشكل جيد، فالإدارة ليست للجبناء.
ثانيًا: التنظيم (Organizing):
يعني هذا النشاط وضع الخطط مع بعضها البعض لتنفيذها. وتشمل عملية تنظيم الموارد بشقيها، البشرية والمادية، وخلق الهيكل التنظيمي والعلاقات المتبادلة وتوفير المراقبة المستمرة والتقييم. وتكون الإدارة في هذا النشاط شبيهة بالنظام العصبي للكائن الحي، فهي تتصل بكل أطراف وأعضاء المنظمة، وتصدر التوجيهات وتستقبل التغذية المرتدة. ويشعر المرء بأن فايول كان يرتاح إلى نظرية النظام المفتوح، لأنه مفكر نظم.
ثالثًا: الأمر : (Command)
إن مجال هذا النشاط ليس كما قد يتوقع من اختيار فايول للعنوان. والأمر له دلالات مرتبطة بالأوامر التي تتعلق بالمعركة. وما يعنيه فايول بالأمر هو خلاصة الأداء الأفضل من الوحدة التي تكون تحت تحكم وسيطرة المدير. ويتم ذلك من خلال:
- معرفة العاملين.
- التخلص من العامل غير الكفء.
- التمكن من التقيد بالاتفاقيات التي تعقدها المنظمة مع عامليها.
- وضع القدوة الحسنة.
- القيام بمراجعة دورية.
- الاجتماع مع الموظفين بشكل منتظم.
- تجنب الخوض في التفاصيل بكثرة.
- رفع معنويات ومبادرات الموظفين.
ومن قراءة هذه القائمة يمكن أن يجادل المرء بأن القيادة يمكن أن تكون عنوانًا أفضل لهذا القسم بدلا عن الأمر. ومن الملاحظات المهمة في هذا الجانب من النشاط الإداري تأكيد فايول على تشجيع روح المبادرة بين العاملين. وهو يجزم بأن المدير يمكنه تشجيع روح المبادرة من خلال التصرفات الآتية:
- السماح للمرءوسين بأن يكون لهم نصيب عالٍ من النشاط يكون متسقًا مع أوضاعهم.
- السماح للمرءوسين بارتكاب أخطاء حتى يتعلموا من خلالها.
- أن نبين للمرءوسين بشكل حذر كيف يؤدون شيئاً، لكن لا نؤديه لهم.
- تشجيع المرءوسين بالثناء المناسب عليهم.
- التضحية والزهو الشخصي أحيانًا من أجل مصلحة المرءوس (وهذا لا يعني أن يكون ذلك على حساب سمعته).
وحتى بعد مضي فترة كبيرة، ظل من الصعب رؤية كيفية تحسين هذه القائمة أو توسيعها.
رابعًا: التنسيق (Coordination):
هذا النشاط من الإدارة يتيح لأقسام المنظمة العمل معًا في تناغم. ويميل المدير في هذا النشاط إلى وضع حدود مشتركة بين الأقسام الفرعية، ويمنعها من أن تصبح مقسمة إلى أجزاء صغيرة. والأداة الرئيسة للمدير لتحقيق النجاح في هذا النشاط هي عقد اجتماعات أسبوعية لرؤساء الأقسام.
خامسًا: الرقابة (Control):
هذا النشاط يتم فيه تحقق الإدارة من أن كل شيء يحدث، يكون مطابقًا مع خطة المنظمة. وهذه هي عملية المراقبة والتغذية المرتدة التي تحتاج إليها الإدارة للقيام بالتعديلات في وظيفة المنظمة. ومن المشوق أن نكتشف أن فايول كان مدركًا لخطر هذا النشاط، وأن عملية الرقابة يمكن أن تكون أحيانًا خارجة عن السيطرة. يؤكد فايول أنه عندما يحدث هذا يتم خلق “ازدواجية في الإدارة”. وما يعنيه بذلك هو أن المنظمة نفسها مسئولة عن مراقبة أدائها.
سادسًا: التأثير (Influence):
كان تأثير أفكار فايول في مجال الفكر الإداري عظيمًا في فرنسا لكنه كان طفيفًا في الولايات المتحدة، وهذا على الأرجح يعود إلى أن منهج فردريك تايلور في أمريكا يبدو عمليًا ومرغوبًا أكثر، ولم يكن كتابه متاحًا في أمريكا إلا في عام 1949م. وبرغم ذلك فإن تأثير فايول في الإدارة لايزال قوياً، حيث وضع عددًا من المبادئ العامة للإدارة. يعتقد فايول أن وظائف الإدارة من الممكن حصرها وكتابتها، ومن ثم تعلمها كمبادئ للإدارة. وجدير بالملاحظة أن فايول لم يكتب ما يعرف من مبادئ للإدارة إلا وهو في سن الخامسة والسبعين بعد تقاعده من العمل. من المبادئ العامة للإدارة التي ذكرها فايول:
- وحدة الأمر “Unity of Command”، الذي يعني أن كل موظف يرتبط برئيس واحد ويتسلم الأوامر منه.
- تدرج السلطة “The Scalar Principles” هذا المبدأ يعكس التسلسل الهرمي في المنظمة.
- نطاق الإشراف “Span of Control” طبقًا لهذا المبدأ كل رئيس أو مدير يشرف بفاعلية على عدد محدود من العاملين لا يزيدون على اثني عشر موظفًا أو عاملاً.
- المركزية “Centralization” التي تعني أن المنظمة يجب أن تدار من أعلى إلى أسفل الهرم.
- المسئولية “Responsibility” التي تعني عندما تمارس السلطة تقع المسئولية.
مسرد لأهم أعماله:
Fayol, Henri, General and Industrial Management, Pitman, New York, 1949.
المراجع:
- Chandler, Ralph C. and Jack C. Plano, The Public Administration Dictionary, John Wiley &Sons, NY, 1982.
- Encyclopedia Americana, International Edition, 1982, S.V. “Henri Fayol”.
- McCurdy ,Howard E., Public Administration: A Bibliographic Guide to the Literature, Marcel Dekker, INC, NY, 1985.
- Shafritz, Jay M., Albert C. Hyde & Sandra J. Parkes, Classics of Public Administration 5th edition, Thomson Wadsworth, Belmont, CA, USA, 2004.
- Wren, A. Daniel, The Evolution of Management Thought third edition , John Wiley and Son, NY, 1987.
المصدر:
د. إبراهيم علي ملحم (2008)، علماء الإدارة وروادها في العالم: سير ذاتية وإسهامات علمية وعملية، (القاهرة: المنظمة العربية للتنمية الإدارية).