الخلاصة :
ركزت الدراسة في الفصل الأول علي الانضباط المالي وأدواته في الفكر الاقتصادي، الذي توصلت من خلاله إلي وجود مجموعه من الخصائص الرئيسية التي يتميز بها الانضباط المالي وهي(بداية الانضباط، ومدة الانضباط المالي، وحجم الانضباط المالي، وقوة(كثافة) الانضباط المالي، والتي من شأنها التأثير علي عملية الانضباط المالي. كذلك توصلت الدراسة إلي أهمية ودور أدوات الانضباط المالي التي تعتمد عليها الحكومة لتخفيض حجم العجز في الموازنة العامة والدين العام منها الأدوات التقليدية للسياسة المالية(الضرائب والنفقات عن طريق زيادة الضرائب وتخفيض النفقات)، وبالإضافة إلي ذلك القواعد المالية التي تستخدمها الدولة في ظل وجود قاعدة توازن الموازنة، وقاعدة النفقات، وقاعدة الضرائب. كما توصلت الدراسة أيضا إلي إمكانية الاعتماد علي الصكوك الإسلامية كأداة مقترحة لتحقيق الانضباط المالي للسعي نحو تعويض الانخفاض في النفقات والزيادة في الإيرادات نتيجة لما تتمتع به الصكوك الإسلامية من المشاركة في الربح والخسارة، وأنها تمثل ملكية حصص وليست دين في ذمة مُصدرها وبالتالي التقليل من التكاليف التي يتم تحملها عند فرض ضرائب جديدة لتمويل المشروعات العامة التي تقوم بها الدولة مثل صكوك المضاربة، المشاركة، وصكوك المرابحة، وصكوك الاستصناع، وصكوك المزارعة، وصكوك الخدمات وغيرها، وذلك لما تمثله الصكوك الإسلامية من تعبئة للموارد المالية وحشد للمدخرات المحلية، وتحقيق كفاءة استخدام الموارد وتمويل المشروعات الاستثمارية، وتحقيق الاستقرار في المتغيرات الاقتصادية الكلية، وأن هناك مجموعة من العوامل التي تسهم في نجاح الانضباط المالي منها توافر الإرادة السياسية والمجتمعية والرغبة في القيام بالانضباط المالي وضمان نجاحه، وأهمية عملية الإصلاح في سوق العمل والسلع مع توافر معايير الحوكمة الجيدة.
تناول الفصل الثاني الآثار الاقتصادية الكلية للانضباط المالي وذلك من خلال عرض للآثار الاقتصادية الكلية سواء الآثار التحصيصية والاستقرارية والتوزيعية، وعرض لأهم التجارب الدولية في هذا المجال وتعظيم الاستفادة منها. حيث أوضحت الدراسة إلي وجود مجموعة من الآثار الاقتصادية المترتبة علي تطبيق الانضباط المالي سواء علي مستوي تحقيق الاستقرار في النشاط الاقتصادي والتأثير علي المتغيرات الاقتصادية أو حدوث حالة من التقلبات الاقتصادية، كذلك تحقيق كفاءة تحصيص الموارد الاقتصادية والمحافظة عليها من الهدر، وبالإضافة إلي ذلك أهمية اللانضباط المالي في التأثير علي تفاوت توزيع الدخل، وأدوات السياسة المالية في ظل اللامركزية المالية ودورها في تحقيق الانضباط المالي، واهم التحديات والآثار الاقتصادية المترتبة علي تطبيق اللامركزية المالية حيث أوضحت الدراسة أن اللامركزية المالية تلعب دور مهم في تحقيق الانضباط المالي وذلك في ضوء ما تقوم به الدولة من توزيع المسئوليات والإيرادات بين المستويات الحكومية المختلفة، وزيادة مصادر الإيرادات وتحسين من كفاءة تحصليها حيث تتيح اللامركزية المالية مصادر جديدة للإيرادات بجوار الضرائب مثل الرسوم العامة ورسوم الاستخدام والمنح والتحويلات لتنفيذ بعض المشروعات العامة وكذلك ما تحوزة الحكومة الفرعية من موارد طبيعية تدر عائد لديها، وترشيد النفقات علي مستويات الحكومة الفرعية، كذلك تسهم عملية اللامركزية المالية في نجاح الانضباط المالي لأنه يشمل جميع المستويات الحكومية في الدولة سواء اللامركزية في النفقات وترشيد عملية النفقات وتحديد أولوية الإنفاق علي مستوي الحكومات الفرعية واللامركزية في الإيرادات ووضع القواعد المالية التي تتماشي مع ذلك سواء قاعدة ضبط عملية الاقتراض للحكومات الفرعية، ومع ذلك هناك مجموعة من التحديات التي تنشأ عند تطبيق اللامركزية منها التحديات المرتبطة بالنفقات علي مستوي الحكومة الفرعية وعدم وضوح الأولويات الإنفاق، وسوء تصميم نظام المنح والتحويلات وما يترتب عليه من توقفها أو هدرها مما ينعكس بدوره علي وجود مجموعة من الآثار الاقتصادية سواء كانت التخصيصية أو الاستقرارية أو التوزيعية.
وتم في الفصل الثالث استعراض للتجارب الدولية للانضباط المالي من خلال التعرف علي تجارب مجموعة من الدول والتي أسهمت في تخفيض حجم الدين العام وعجز الموازنة العامة مثل التجربة الفرنسية واليابانية والانجليزية والهندية والاسترالية.
وأخيرًا تناول الفصل الرابع تحليل قياسي لأثر الانضباط المالي علي المتغيرات الاقتصادية الكلية من خلال المقارنة بين مجموعتين من الدول الأوروبية. وتوصلت الدراسة إلي وجود آثار ايجابية للانضباط المالي علي المتغيرات الاقتصادية الكلية.
5/3 نتائج الدراسة
بعد الدراسة والتعمق، توصلت الدراسة إلي النتائج الآتية:
1– أن الانضباط المالي يتميز بمجموعة من الخصائص والتي تؤثر علي نجاح عملية الانضباط التي ينبغي مراعاتها عند القيام بعملية الانضباط منها(بداية الانضباط المالي، ومدة الانضباط المالي، وحجم الانضباط المالي، وقوة(كثافة) الانضباط المالي.
2- تمثل أدوات السياسية المالية وسيلة لضبط أوضاع المالية العامة وتحقيق مجموعة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، وذلك مع وجود استراتيجة مناسبة يتم تصميمها عند القيام بالانضباط المالي واستخدام الصكوك الإسلامية كأداة مقترحة لتعويض الانخفاض في النفقات العامة وزيادة الضرائب وانخفاض حصيلتها في ظل وجود من القواعد المالية التي يتم وضعها لتحقيق الانضباط المالي بحيث تكون سهلة وبسيطة وقوية ومعبرة عن المتغيرات الاقتصادية.
3- توجد مجموعة من العوامل التي تسهم في نجاح الانضباط المالي والتي تمثلت في توافر إرادة سياسية ومجتمعية لديها الرغبة في تحقيق الانضباط المالي مع وجود تأييد شعبي لإقرار حزمة الانضباط المالي، ووجود إدارة مالية قوية وفعالة تهدف إلي ترشيد الموارد المالية وتوجيها نحو الاستخدام الأمثل وتقليل حجم الموارد العامة، والقيام بإصلاحات في سوق العمل وسوق السلع والخدمات، وتوفير معايير الحكومة الجيدة.
4- التأكيد علي أهمية اللامركزية المالية(اللامركزية في النفقات والإيرادات والقواعد المالية) في تحقيق ونجاح الانضباط المالي في ظل مجموعة من الخصائص التي تسم بها اللامركزية المالية مثل تحقيق المصلحة المادية بين كافة المستويات الحكومية والإدارية، والتداخل بين جميع المستويات الحكومية في اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسات التنموية
5- وجود مجموعة متنوعة من الإيرادات يمكن توفيرها في ظل اللامركزية المالية والتي تسهم في نجاح الانضباط المالي مثل الرسوم العامة والرسوم الخاصة والمنح والتحويلات الدولية بجوار الضرائب علي الأطيان والعقارات وغيرها.
6- أن هناك مجموعة من الآثار الاقتصادية التي تنشا عند تطبيق الانضباط المالي حيث يسهم الانضباط المالي القائم علي حدوث زيادة تدريجية في الضرائب خلال فتر القيام بالانضباط في حدوث تخفيف التفاوت في توزيع الدخل في حين أن الانضباط المالي القائم علي تخفيض النفقات يؤدي إلي حدوث زيادة في تفاوت توزيع الدخل.
7- أن الانضباط المالي القائم علي حدوث زيادة في الضرائب يؤدي إلي تحقيق الاستقرار في الطلب الكلي وتخفيض معدلات التضخم، واستقرار سوق العمل في الأجل الطويل، واستقرار القطاع المالي بين مستوي الادخار والاستثمار، واستقرار الميزان التجاري وزيادة عملية الصادرات وترشيد الواردات، كما أن تخفيض النفقات يسهم في تحقيق الاستقرار في المستوي العام للأسعار عن طريق تخفيض المشتريات الحكومية وإعادة ترتيب الأولويات.
8- كما أوضحت الدراسة أن الانضباط المالي القائم علي زيادة الضرائب وبخاصة فرض ضرائب بيئية يسهم في تحقيق كفاءة استخدام الموارد والمحافظة عليها من الهدر مع مراعاة حقوق الأجيال القادمة والمحافظة علي عدم تآكل القوة الشرائية للعملة في الأجل الطويل.
9- التأكيد علي أهمية الإصلاحات الهيكلية التي تقوم بها الدولة وتحقيق كفاءة الإنفاق العام وترتيب أولويات الإنفاق العام
10- التأكيد علي أهمية وجود توافق حكومي ومجتمعي حول القيام بالانضباط المالي.
11- التأكيد علي أهمية الدور الذي تلعبه القواعد المالية وتعزيز الإجراءات المتعلقة بالمالية العامة لتحقيق الانضباط المالي.
12- التأكيد علي أهمية الإصلاحات التشريعية والمؤسسية وتفعيل الرقابة علي جميع المستويات الحكومية المختلفة.
13- وجود آثار ايجابية للانضباط المالي علي المتغيرات الاقتصادية الكلية
مما سبق- وبالنظر إلي ملخص الرسالة ونتائج الدراسة- نتوصل إلي تحقيق فرضية الدراسة المراد اختبارها، وهي وجود أثر ايجابي للانضباط المالي علي المتغيرات الاقتصادية الكلية، وهذا ما يدعونا لسرد مجموعة من التوصيات والمقترحات في النقطة القادمة.
5/4 توصيات الدراسة
يمكن تقديم مجموعة من التوصيات للمساهمة في تقديم حلول لمشكلة تزايد الدين وعجز الموازنة العامة، والاسترشاد بها كإطار عام للسياسات التي تساعد متخذ القرار(الحكومة، الأفراد، المستثمرين) وهي كالآتي:
1– ضرورة شمولية الانضباط المالي لجميع المستويات الحكومية في الدولة عن طريق تطبيق اللامركزية في الايرادات والنفقات.
2- وجود قاعدة مالية يتم الارتكاز عليها عند القيام بالانضباط المالي.
3- استخدام الصكوك الإسلامية بأنواعها المختلفة لتعويض الزيادة في الضرائب بمستويات مرتفعة والانخفاض في حصيلتها، وكذلك الانخفاض النفقات لتنفيذ بعض برامج الدولة.
- ضرورة التنسيق بين السياسة المالية والنقدية عند القيام بالانضباط المالي.
- تفعيل الرقابة علي جميع المستويات الحكومية وتطبيق الإصلاحات التشريعية والمؤسسية التي تسهم في نجاح الانضباط المالي.
ضرورة وجود توافق حكومي ومجتمعي حول القيام بعملية الانضباط المالي وذلك من خلال تعبئة الرأي العام بأهمية الإصلاحات ومهارات الاتصال المجتمعي، ووضع الخطط الزمنية للمستهدف تنفيذه في كل مرحلة من سنوات تطبيق الانضباط المالي.
هيثم جمال على سالم
جامعة حلوان – كلية التجارة -2018