تنظيم تضارب المصالح للوقاية من الفساد

يمثل مفهوم تضارب المصالح واحد من أهم الظواهر التي نجدها في بيئة المنظمات بصفة عامة، والتي تتخذ أشكالاً متعددة بين الأفراد، حيث يظهر هذا المفهوم بشكل كبير في مجال عمل الموظفين العموميين، والذين تدفعهم مصالحهم الخاصة إلى تحقيق أهداف غير شرعية على حساب الوظيفة العامة، والصالح العام. وهناك تصنيفات متعددة لتضارب المصالح، قد يكون منها الجائز والغير جائز، ولكن في المجمل، يكون تضارب المصالح مدفوعاً بالمصالح الخاصة، التي تجعل الأشخاص يستغلون مواقعهم الوظيفية، لتحقيق مكاسب خاصة.وهذا المفهوم له تعريفات متعددة في المجالات المختلفة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والقانونية، وغيرها من المجالات، كما ينتمي مفهوم تضارب المصالح في الأساس لبيئة إدارة الأعمال، التي نشأ بها متفرعاً عن نظرية الوكالة، وهي نظرية ثرية، وهامة، وتعتبر بمثابة البوابة الرئيسية، التي يمكن من خلالها العبور إلى تفسير الظواهر المختلفة، في مجال الأخلاقيات في المؤسسات بصفة عامة.حيث يعتبر تضارب المصالح مشكلة شائعة في مجالات العمل المختلفة، فقد نجد زملاء لنا في العمل يشكون من أن قريب المدير يحصل دائمًا على أكبر زيادة في راتبه، أو أفضل مهمة يتم تعيينه فيها، ورأينا الزملاء في العمل يقبلون الهدايا من منظمات أخرى، أو أفراد تربطهم بينهم مصالح مختلفة. وربما تغادر زميلة العمل مبكراً 20 دقيقة كل يوم حتى تتمكن من الوصول إلى وظيفتها الثانية، وعلى الرغم من اختلاف هذه المواقف اختلافًا كبيرًا، إلا أنها تندرج جميعها تحت عنوان “تضارب المصالح”.لذلك يسلط الفصل الأول من هذا الكتاب الضوء على مفهوم تضارب المصالح من خلال عرض مختلف الأدبيات التي تقدم تعريفات مختلفة لهذه الظاهرة في بيئة المنظمات، والتساؤل الأساسي لنا في هذا الفصل يدور حول “ماهية تضارب المصالح “، وذلك من خلال عرض مجموعة التعريفات التي أقرها الباحثون، والمتخصصون في فكر تنظيم تضارب المصالح، والتي عكست تحليلاتهم مجموعة متنوعة من التفسيرات، لهذه الظاهرة، وهو  أمر طبيعي، حيث أن هذه الظاهرة تعتبر ظاهرة متعددة الأبعاد Multi-dimentional، قابلة للتعريف والتفسير من خلال منظورات مختلفة. وعلى الرغم من ذلك، تتفق غالبية التعريفات حول وجود عنصر أوحد، وهو ” المصلحة الخاصة ” Private Interest، الذي يكون سبباً رئيسياً في أحداث حالة التعارض بين الموظف العام، وبين وظيفته من ناحية، وبينه وبين المواطن كطرف منتفع من ناحية أخرى. 

 دعاء الجهيني

سبتمبر 2021 

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

القائد والقيادة ونجاح الأعمال

تعد القيادة الأساس في نجاح واستدامة جميع الأعمال المؤسسية الربحية وغير الربحية. القائد الناجح يفوض السلطة وينمي اتخاذ القرارات في الموظفين بشرط أن يكونوا على

تفاصيل »

في زمن تتحول فيه الأفكار إلى ثروات، والعقول إلى سلع يتم تداولها في بورصات خفية… فمن سيكون السيد الجديد لعصر الاقتصاد المعرفي؟

الاقتصاد المعرفي.. حين تصبح العقول هي الثروة الجديدة: نعيش اليوم فيما يعرف بـ «عالم الاقتصاد المعرفي»، عالم تتسارع فيه الخطى وتنقلب فيه الموازين حتى بات

تفاصيل »

النجاة في عالم إداري سريع التغير

في بيئة إدارية تتغير بسرعة غير مسبوقة، لم يعد البقاء مرهوناً بالكفاءة التقليدية وحدها، بل بقدرة المؤسسات وقادتها على التكيف السريع والابتكار المستمر، ويشهد العالم

تفاصيل »