للمنظور الأخلاقي أهمية كبيرة بالفعل في تشكيل آراء الفرد حول السياسات العامة. فعلى سبيل المثال، توضح دراسة 2021 Stantcheva بناء على مسوح تم إجراؤها على أفراد في الولايات المتحدة أن مفاهيم العدالة لها دور أهم مقارنة بالآراء حول الكفاءة في تشكيل موقف الفرد من تصاعدية ضرائب الدخل أو الأيلولة.
ويمكن بحث التطبيقات الأخرى للأسس الأخلاقية التي تتعلق بقضايا ذات طبيعة خاصة. فأساس النقاء على سبيل المثال ينطبق على حماية الطبيعة من التلوث المحلي “أنهار نظيفة وهواء خال من الضباب الدخاني” والتلوث العالمي “المحيطات”، وكذلك إرساء مشاعر مغايرة لتلك التي تثيرها ضريبة المنتجات الضارة، كالضريبة المفروضة على السجائر. ومفهوم النقاء ربما يكون أيضا هو أساس الرغبة في موازنة ميزانية الدولة، كما يتضح في سياقات مختلفة.
كما أن تشبيه موازنة الميزانية بتنظيم شؤون المنزل ـ من خلال اتخاذ قرارات مسؤولة بشأن ميزانية الأسرة ـ يستدعي مفاهيم النقاء.
وبالمثل، يمكن العمل بمبدأ الولاء في تعزيز القدرات التنافسية للبلد في مجالات العلوم أو التكنولوجيا أو الإنتاجية. ويمكن لصناع السياسات توظيف الروح الوطنية نفسها التي تحفز الشعب على دعم الفرق الرياضية الوطنية وغيرها.
يمكن إضفاء مزيد من الجاذبية على طرق تصميم السياسات وعرضها إذا ما تمت مراعاة كيفية مخاطبة وعي المواطنين على اختلاف آرائهم الأخلاقية. ولكن الإقناع يتطلب أيضا درجة من المعرفة، أو الاستعداد المعرفي على الأقل، من جانب الجمهور.
وقد تعكس الآراء المتطرفة حول السياسات نقصا معرفيا كما اتضح من بعض التجارب التي أجراها خبراء علم النفس ـ دراسة 2013 Greene. فقد طلب هؤلاء الباحثون من بعض الأشخاص التفكير في مجموعة من السياسات الخلافية المقترحة، مثل تكليف جهة واحدة بتحمل نفقات نظام الرعاية الصحية، وسجلوا إجاباتهم. ثم طلبوا من المجيبين لاحقا شرح كيفية تنفيذ هذه السياسات وقام الباحثون مجددا بسؤال المجيبين عن آرائهم بشأن السياسات. وتبنى المجيبون موقفا أكثر اعتدالا لما لمسوه في أنفسهم من عدم تفهم للسياسات المقترحة. لذلك بدلا من سؤال المواطنين عن سبب دعمهم لسياسة ما، من الأفضل بدء النقاش بطرح أسئلة واقعية عن كيفية تنفيذ هذه السياسة. ومن المنطلق نفسه، تستفسر الدراسات الاقتصادية الحديثة القائمة على المسوح عن آراء المواطنين، وتطلعهم بعدها على حقائق إضافية وتسألهم عن آرائهم مجددا لقياس تأثير المعلومات في إعادة تشكيل موقفهم من السياسات. وتشير النتائج إلى أن توفير المعلومات قد يكون أولى خطوات الإقناع في بعض الحالات.
وعند النظر في سياسات الضرائب أو الإنفاق، تركز الأغلبية على انعكاسات تلك السياسات على العدالة. لذلك يمكن إثراء التحليلات بإضافة مزيد من المنظورات الأخلاقية، ما قد يساعد صناع السياسات في نهاية الأمر على تصميم إجراءات ربما تكون فرصتها أكبر في تحقيق التوافق بين الآراء. وبدأت تتضح أخيرا فقط نتائج الدراسات التجريبية واسعة النطاق التي تم إجراؤها بناء على هذه المفاهيم. ولكن يمكن كخطوة أولى النظر في كيفية تصميم السياسات بحيث تحظى بمزيد من القبول ـ وعرضها بشكل يضمن اجتذاب المواطنين على اختلاف مفاهيمهم الأخلاقية.
باولو ماورو| أبريل 2022