الاحتراق الوظيفي

قد يحدث أن تصيب الموظف خلال حياته الوظيفية حالة يفقد فيها الموظف الرغبة في العمل، وبالتالي تتدنى قدرته على الإنتاجية وعلى أداء عمله، الأمر الذي قد يؤثر على إيرادات المنظمة وربحيتها واستدامتها، وحتمًا قد يظهر الموظف خلال هذه المرحلة بحالة من المشاعر السلبية والعدائية تجاه العمل وزملاء العمل وبحالة من الإجهاد الذهني والبدني والكبت الشخصي والنفسي، والإحساس بعدم الرضا عن إنجازاته الوظيفية وأدائه المهني والوصول إلى انسداد الأفق الوظيفي بعدم الترقي أو الحصول على مكتسبات وامتيازات مالية ووظيفية جديدة.

ولتلافي وصول الموظف لهذه المرحلة لابد لإدارات المنظمات أن تعمل على وضع خطط وأسس ترقيات ومسارات وظيفية محددة وواضحة، تراعي أن تغطي جميع مراحل العمر الوظيفي للموظف وتبقيه في حالة من الحراك الوظيفي الدائم فضلًا عن إتاحة الفرصة للموظفين بإمكانية تغيير مساراتهم الوظيفية في حال شعرت تلك الإدارات بتوقف عطاء موظفيها في وظائفهم الحالية من خلال ملاحظة ومتابعة نتائج تقييم أدائهم السنوية.

كما يتوجب على الإدارات وضع بطاقات وصف وظيفية واضحة تحدد الصلاحيات والمهام لتلافي أي تداخل الصلاحيات أو تكليف الموظفين بأية مهام إضافية ليست ذات صلة بطبيعة وظيفتهم وتخصصها، كما يتوجب أن تأخذ المنظمات بضرورة خلق توازن بين حياة الموظف العملية من جهة، وحياته الشخصية والعائلية من جهة أخرى من خلال عدم تحميله أعباء ومهام إضافية، وساعات عمل طويلة، وإتاحة المجال لموظفيها بالعمل من خلال أنظمة العمل المرنة، والعمل من البيت واستخدام أنظمة العمل السحابية فضلًا عن إلزام عامليها بالحصول على إجازاتهم السنوية، كما يتوجب على المنظمات خلق بيئات العمل الإيجابية التي تشجع الابتكار والمبادرة وتعززها وتراعي توفير بيئة مكتبية صحية وآمنة للعاملين.

إن المحافظة على الموظفين وصحتهم النفسية والمهنية حتمًا واجب أخلاقي يقع على عاتق إدارات منظماتنا العربية والحكومات على حد سواء من خلال إقرار وإنفاذ قوانين العمل التي تراعي مصالح المنظمات والعاملين فيها والاستجابة لتلك القوانين من خلال حفظ حقوق العمال بما فيها حق التظلم، وتطبيق أنظمة العمل المرنة واستحداث أنظمة ترقي عادلة وواضحة مبنية على الجدارات وعلى بطاقات وصف وظيفية تحدد المهام والصلاحيات والمسؤوليات.

د. صهيب مصطفى القضاة

خبير رأس مال بشري وتطوير مؤسسي

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

القائد والقيادة ونجاح الأعمال

تعد القيادة الأساس في نجاح واستدامة جميع الأعمال المؤسسية الربحية وغير الربحية. القائد الناجح يفوض السلطة وينمي اتخاذ القرارات في الموظفين بشرط أن يكونوا على

تفاصيل »

في زمن تتحول فيه الأفكار إلى ثروات، والعقول إلى سلع يتم تداولها في بورصات خفية… فمن سيكون السيد الجديد لعصر الاقتصاد المعرفي؟

الاقتصاد المعرفي.. حين تصبح العقول هي الثروة الجديدة: نعيش اليوم فيما يعرف بـ «عالم الاقتصاد المعرفي»، عالم تتسارع فيه الخطى وتنقلب فيه الموازين حتى بات

تفاصيل »

النجاة في عالم إداري سريع التغير

في بيئة إدارية تتغير بسرعة غير مسبوقة، لم يعد البقاء مرهوناً بالكفاءة التقليدية وحدها، بل بقدرة المؤسسات وقادتها على التكيف السريع والابتكار المستمر، ويشهد العالم

تفاصيل »