بولدينج، كينيث

سيرته الذاتية:

ولد بولدينج، كينيث المثقف ورجل الاقتصــاد في 18 يناير عام 1912م فــي ليفربول بإنجلترا وتوفي في مدينة بولدر بولاية كلورادو الأمريكية في شهر مارس 1993م. تلقى تعليمه في جامعة أكسفورد (البكالوريوس عام 1931م، ودرجة الماجستير في الفنون عام 1939م) وكان زميلاً في الكومونويلث في جامعة شيكاغـو (1932-1934م). وكان اقتصاديًا في عصبة الأمم (1941- 1942م)، وعمل في وظيفة الأستاذية في جامعة فيسك وفي جامعة ولاية آيوا وفي جامعة ماجيل، وكان من الأساتذة البارزين في جامعة ميتشيجان (1949- 1968م)، حيث عمل مديرًا للأبحاث في مركز البحث في القرارات المتنازع عليها. وأصبح أستاذًا في جامعة كلورادو ببولدر منذ عام 1968م حتى وفاته عام 1993م.

وقد عرف بولدينج بمنهجه الانضباطي الوسطي في الاقتصاد والعلوم الاجتماعية وبنزعته الشعرية وميله للهدوء. وهو مخلص جدًا ومناصر للسلام العالمي تمامًا كمناصرته لعلم الاقتصاد، وكثيرًا ما يركز اهتماماته في عمله. وقوبل انتقاله من قسم الاقتصاد في جامعة ميتشيجان بعواطف ممزوجة من قبل زملائه، حيث شعر الكثيرون أنه قد حاد عن الاهتمام التام بالعلوم الاقتصادية، وربط نفسه بمجال واسع من العلوم الاجتماعية.

مساهماته:

لقد تنامت شهرة بولدينج من كونه معجبًا بنظريات اللورد كينيز الاقتصادية، وأول ما لقي الاعتراف العلني كان من خلال مناقشته مع الاقتصادي الشهير فرانك نايت فيما يتعلق بدور رأس المال في عملية الإنتاج.

وبعد نجاحات عديدة محدودة في مجال النشر، قدم كتاب: التحليل الاقتصادي Economic Analysis، حيث كان إسهامه الحقيقي هو تعريفه لأدوات الاقتصاد: العرض والطلب، التحليل الحدي، دور السلوك، التنظيم الإداري، النمذجة، فعاليات اقتصادية وبرمجة خطية. وأصبح هذا الكتاب كتابًا تعليميًا مهمًا ومشهورًا حتى يومنا هذا، وقد تبناه العديد من زملاء بولدينج. وعرف بولدينج برؤيته التنظيمية في كتاباته، ويمكن ملاحظة ذلك في كثير من أعماله.

نشر كتاب الثورة التنظيمية (The Organizational Revolution, 1953) ، وطرح سؤالاً هو لماذا بدأت المنظمات بجميع أنواعها فجأة في التوسع بعد السبعينيات للقرن التاسع عشر تقريبا؟ وقد أجاب عنه إجابة كانت مزيجًا من علم الأحياء والاقتصاد والاجتماع وعلم النفس في آن واحد. وقدم علم الأحياء مفهوم محدودية حجم الكائن الحي من خلال وظائف أعضائه، خاصة حاجته لامتصاص غذائه من الخارج والتواصل فيما بين أعضائه. طبق بولدينج هذه الأفكار من خلال فرضيته القائلة بأن المنظمات تخرق “حاجز الحجم” بشكل كبير بواسطة إحداث تغييرات هيكلية تصبح ممكنة الحدوث مع تطور الاتصالات والمساعدات الميكانيكية والاكتشافات الاجتماعية لإحداث تنويع في الوظيفة، بما سيؤدي في المقابل إلى احتمال حدوث مزيد من التعقيد، وبالتالي يؤدي إلى خلق مجموعات كبيرة من الناس. وهذا يعني زيادة في التنسيق المتعمد، على العكس من وجود تعاون “أسري” أقل تخطيطًا في المنظمات الصغيرة يستلزم توجيه الانتباه نحو شبكات القوة، والتغذية المرتجعة والأنظمة المستجيبة.

كانت أهم الفترات في حياة بولدينج هي الفترة  من 1954- 1955م عندما شارك في السنة الافتتاحية لمركز الدراسات المتطورة في العلوم السلوكية (CASBS). وهذا يحتم توحيد مجموعة شهيرة من علماء الاجتماع للمشاركة بشكل جماعي في عملية تبادل أفكار إبداعية. وشكل بولدينج ولودفيج فون بيرتالانفي (والذي كان واحدًا من تلك المجموعة) من خلال هذا التفاعل جمعية بحوث الأنظمة العامة، تحت إشراف بولدينج كأول رئيس، وبيرتالانفي بوصفه “أعلى قس”. وبحلول السبعينيات وصلت عضويتها لما يقارب الألف عضو.

وفي ختام هذه السنة المثمرة كتب بولدينج كتابه التصورThe Image,1956، وقد أنجز هذه المهمة من خلال الإملاء المتواصل في فترة تسعة أيام. وقدم كتاب التصور نظرية من المعرفة والسلوك تربط الأنظمة في كل مستوى من ميكانيكية إلى اجتماعية. ومفهوم “الصورة” الذي استخدمه يصف مرشحًا عقليًا إدراكيًا يتألف من تجارب ماضي الفرد. ومن خلال هذا المرشح فقد مرر ملاحظة أو إدراكًا جديدًا في هذا الكتاب. وقد وصف تخيله عن الظواهر المتنوعة، وكانت المنظمة إحداها. وفي تفصيله لهذه الرؤية تقيد بمستويات متعددة، من الأساسية إلى المركبة:

  1. البنيات الساكنة.
  2. آلية الساعة، مثل التراكيب التي تعيد حركتها نسبة لبعض قوانين الترابط فيما بين أجزائها.
  3. “أدوات تنظيم حرارة” – مثل آلية التحكم في الاتزان البدني والتي تتألف من مسجل وجهاز تحكم ومستجيب.
  4. الخلية، أبسط أسلوب للحياة، والذي يعتبر نظامًا مفتوحًا كذلك.
  5. مستوى نباتي، وهو مجموعة من الخلايا التي تظهر بنية محكمة وقسمًا للعمل.
  6. مستوى حيواني، ويظهر فيه الإدراك الذاتي البدائي.
  7. المستوى البشري، ويظهر قدرة على تنظيم المعلومات في صور هائلة ومعقدة.

كان تأثير بولدينج على الفكر الإداري الذي قام بتطويره قد بسط وعزز رؤية الأنظمة في النظر إلى المنظمات والعمليات الاجتماعية، مثل علم الاقتصاد. وكان توقعه للمستقبل شبيهًا بتوقع بيرتالانفي ونظريات الأنظمة العامة الأخرى، والتي استعار فيها مفاهيم الأنظمة من علم لآخر. لكن تميزه تجلى في تطبيقه في المجال الاجتماعي الذي ساعد في تعريف هذا النموذج في الفكر المعاصر.

مسرد لأهم أعماله:

  1. Boulding, Kenneth E., The Organizational Revolution. NY: Harper & Brothers, 1953.
  2. Boulding, Kenneth E., The Image. Ann Arbor: University of Michigan Press, 1956.
  3. Boulding, Kenneth E., Conflict and Defense: A General Theory. NY: Harper & Row, 1963.
  4. Boulding Kenneth E. The Knowledge in Life and Society, Harper & Row, NY, 1956.

المصدر:

د. إبراهيم علي ملحم (2008)، علماء الإدارة وروادها في العالم: سير ذاتية وإسهامات علمية وعملية، (القاهرة: المنظمة العربية للتنمية الإدارية).

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

القائد والقيادة ونجاح الأعمال

تعد القيادة الأساس في نجاح واستدامة جميع الأعمال المؤسسية الربحية وغير الربحية. القائد الناجح يفوض السلطة وينمي اتخاذ القرارات في الموظفين بشرط أن يكونوا على

تفاصيل »

في زمن تتحول فيه الأفكار إلى ثروات، والعقول إلى سلع يتم تداولها في بورصات خفية… فمن سيكون السيد الجديد لعصر الاقتصاد المعرفي؟

الاقتصاد المعرفي.. حين تصبح العقول هي الثروة الجديدة: نعيش اليوم فيما يعرف بـ «عالم الاقتصاد المعرفي»، عالم تتسارع فيه الخطى وتنقلب فيه الموازين حتى بات

تفاصيل »

النجاة في عالم إداري سريع التغير

في بيئة إدارية تتغير بسرعة غير مسبوقة، لم يعد البقاء مرهوناً بالكفاءة التقليدية وحدها، بل بقدرة المؤسسات وقادتها على التكيف السريع والابتكار المستمر، ويشهد العالم

تفاصيل »