ليلينثال، ديفيد

سيرته الذاتية:

ولد ليلينثال، ديفيد في مدينة مورتن في ولاية إنديانا الأمريكية في الثامن من شهر يولية عام 1899م، وتخرج من جامعة دي باو عام 1920م ثم من جامعة هارفارد كلية الحقوق في عام 1923م. وأصبح في سن الثالثة والثلاثين واحدًا من الرؤساء الأصليين لسلطة وادي تينيسي. وعمل رئيسًا لها في الفترة من 1941- 1946م وعين في عام 1946م كأول رئيس للجنة الطاقة الذرية في الولايات المتحدة.

عمل ليلينثال عضو لجنة للمرافق العامة في ويسكونسين قبل تعيينه عضوًًا في مجلس سلطة وادي تينيسي. وتأثرت فلسفته الإدارية بشكل كبير باوليفر ويندال هولمز، وفليكس فرانكفورتر ولويس برانيز، وحتى في أيامه قبل التخرج في جامعة باو، وقد أصبحوا كلهم أساتذته عندما كان يدرس في كلية الحقوق بهارفارد. وتوفي ديفيد ليلينثال في 14 من شهر يناير عام 1981م في مدينة نيويورك.

مساهماته:

تبنى ليلينثال مع هؤلاء الثلاثة، أوليفر ويندال هولمز، وفليكس فرانكفورتر، ولويس برانيز، فلسفة تقول بأنه ينبغي على الحكومة أن تبطل مركزيتها على المستوى الفيدرالي نزولاً إلى المستويات الإقليمية والمحلية “القاعدة”. وكان يؤمن بأن الإدارة هي “فن إنساني” يدور حول الناس. ووفقًا لليلينثال فإنه يجب على مشاريع الحكومة، مثل سلطة وادي تينيسي، أن ترتبط بالمستوى المحلي، وكذلك يجب أن يتم التحكم فيها وتطبق على المستوى المحلي.

طالب الرئيس فرانكلين روزفلت في عام 1933م الكونجرس بأن يتم تكوين سلطة وادي تينسي كمؤسسة تتمتع بصلاحية سلطة الحكومة، لكنها تتمتع بالمرونة وبمبادرة المؤسسة التجارية الخاصة. وكلف روزفلت السلطة بمهمة التخطيط للاستخدام المناسب، والصيانة وتطوير الموارد الطبيعية لحوض تصريف نهر تينيسي والمنطقة المجاورة له لمصلحة الأمة اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا.

كانت سلطة وادي تينيسي حركة مثيرة للجدل بالنسبة للكونجرس من أجل تطوير وامتلاك شركة مرافق تشتمل أهدافها على توليد وبيع الكهرباء في منافسة مباشرة مع القطاع الخاص الصناعي.

كان يتعين أن تكون سدود سلطة وادي تينيسي أبنية متعددة الأغراض تشجع الملاحة وتمنع حدوث الفيضانات وتحمي منطقة واسعة من الإغراق. ولا يوجد نهر في ضخامة نهر تينيسي في العالم يتم التحكم فيه مثل هذا النهر.

وكانت سلطة وادي تينيسي في جزء منها قصة ديفيد ليلينثال ونابعة من نموذج فلسفته للإدارة. وكان يؤمن في مراحل بناء مشروع سلطة وادي تينيسي أن مهمة الإداريين – سواء أكانوا عامين أم خاصين – هي ابتكار أساليب للاستفادة من العلم الحديث والمهارات الفنية من قبل الشخص العادي. وقد كتبت ليلينثال الأهداف العامة والفلسفة الإدارية لسلطة وادي تينيسي من قبل. ووصف في كتابه “سلطة وادي تينيسي: مسيرة الديمقراطية”، (TVA: Democracy on the March, 1944) تجارب سلطة وادي تينيسي بأنها جهد فعال لإبطال مركزية وظيفة الحكومة الفيدرالية، ولعكس النموذج نحو مركزية السلطة في واشنطن بالنسبة لتفويض السلطة الفيدرالية وسحبها من واشنطن وإعادتها إلى الأقاليم والولايات والمحليات في ظل الاهتمام بتطوير الموارد الطبيعية.

وألقى القانون الذي سنه الكونجرس على عاتق سلطة وادي تينيسي وظائف رئيسة. أولاً يتعين عليها أن تقوم نيابة عن الأمة بالفوز وتشغيل ممتلكات المياه الضحلة في ولاية ألباما لأغراض الدفاع القومي وإنتاج أنواع جديدة من الأسمدة لتحسين التربة في المزارع. ثانياً، كان يتعين على السلطة تطوير نظام سدود وتحكم بموارد مياه النهر من نوكشفيل وتينيسي وبادوكاك وكينتاكي من أجل منع الفيضانات، وجعل النهر صالحًا للملاحة وإنتاج الطاقة الكهربائية، لكي تكون رخيصة الثمن بالنسبة للمستهلك في المنطقة.

قام ليلينثال بتطوير استراتيجية لمطالبة واشنطون بترحيل “الخبراء” للمناطق المحلية لوادي تينيسي ليقوموا بتدريس مهاراتهم للسكان، بحيث تصبح سلطة وادي تينيسي مشروعًا إقليميًا محليًا.

كما زاد الاستخدام الواسع للعقود المكتوبة التي لم تعمل على تحديد الالتزامات القانونية فحسب، بل عبرت عن الاتفاق على الأهداف المشتركة بين المشاركة الفيدرالية والولاية والمحليات مع مشاريع السلطة.

كان ليلينثال يؤمن بأن لا مركزية الحكومة تظهر فقط عندما يمتلك الرجال في الميدان سلطة صنع القرار، وكذلك عندما يشارك السكان المحليون بفعالية في تطوير مواردهم الطبيعية الخاصة بهم. وشعر بأن اللامركزية تعزز التنوع في حين تتطلب المركزية (على المستوى الفيدرالي) الانتظام والتوحيد القياسي.

وكما يتعلق الأمر بمشاريع سلطة وادي تينيسي، فقد قام ليلينثال أولاً بوضع عقود رسمية مكتوبة مع كل الجهات. ثانيًا استخدم أسلوبًًا لإقناع السكان المحليين لكي يشاركوا بفعالية في تنفيذ العديد من المشاريع وتطويرها والحفاظ عليها. ثالثًا تحدى النظام الفيدرالي لتقديم حوافز للمنطقة الإقليمية/المحلية التي تغطيها السلطة. وهذه الحوافز تشمل المشاركة في كل شيء من النواحي الفنية إلى شئون العمل اليومية الفعلية، في الوقت الذي تأخذ فيه الموارد الطبيعية للسلطة في التطور. وشعر بأن الحوافز من قبل النظام الفيدرالي يمكن أن ينتج عنها دعم أكبر بالنسبة لمستقبل السلطة.

والمبدأ الإرشادي الأخير الذي قام ليلينثال بتطبيقه في السلطة كان هو القيادة النوعية. فقد كان يؤمن بأن قيادته يجب أن تعكس “فلسفة إنسانية” كأساس بالنسبة لها.

إن الإسهام الكلي لليلينثال بالنسبة للإدارة العامة كان توظيف الموقف “التعاوني” نحو الحفاظ على الموارد الطبيعية. وقد تمكن من القيام بترسيخ أنه يجب على الحكومة الفيدرالية أن تضع سياسة واسعة لتطوير الموارد الطبيعية، وفي الوقت نفسه يجب أن يتم العمل الحقيقي للصيانة والتحكم على المستوى الإقليمي/المحلي.

وحدد فيليب سيلزينك في كتابه “سلطة وادي تينيسي والقاعدة” مشاريع السلطة على أنها عبارة عن عملية لاستيعاب العناصر الجديدة في القيادة أو تحديد بنية المنظمة كوسيلة لتفادي مهددات استقرارها أو وجودها.

استطاع ليلينثال أن يقيم بنجاح هذه العملية “التعاونية” في الوقت الذي حول فيه مشاريع السلطة إلى واقع. وقد حاول في سنوات لاحقة تطبيق أسلوب السلطة في أجزاء أخرى من الولايات المتحدة، لكنه واجه مقاومة كبيرة من قبل كل من الأجهزة الفيدرالية والقطاع الصناعي الخاص. وطور ليلينثال أخيرًا أعماله التجارية الخاصة وحاول مساعدة الدول النامية عبر العالم مستخدمًا نموذج السلطة لتطوير مواردها الطبيعية الخاصة بها.

مسرد لأهم أعماله:

  1. Lilienthal, David E., TVA: Democracy on the March (Harper & Row New York, 1944).
  2. Lilienthal, David E., The Journal of David E. Lilientahl, Vol. I The TVA Years, 1939-1945 (Harper & Row New York, 1964)
  3. Lilienthal, David E., The Journal of David E. Lilientahl, Vol. Ii The Atomic Energy, Years 1945-1950 (Harper & Row New York, 1964).

المصدر:

د. إبراهيم علي ملحم (2008)، علماء الإدارة وروادها في العالم: سير ذاتية وإسهامات علمية وعملية، (القاهرة: المنظمة العربية للتنمية الإدارية).

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

القائد والقيادة ونجاح الأعمال

تعد القيادة الأساس في نجاح واستدامة جميع الأعمال المؤسسية الربحية وغير الربحية. القائد الناجح يفوض السلطة وينمي اتخاذ القرارات في الموظفين بشرط أن يكونوا على

تفاصيل »

في زمن تتحول فيه الأفكار إلى ثروات، والعقول إلى سلع يتم تداولها في بورصات خفية… فمن سيكون السيد الجديد لعصر الاقتصاد المعرفي؟

الاقتصاد المعرفي.. حين تصبح العقول هي الثروة الجديدة: نعيش اليوم فيما يعرف بـ «عالم الاقتصاد المعرفي»، عالم تتسارع فيه الخطى وتنقلب فيه الموازين حتى بات

تفاصيل »

النجاة في عالم إداري سريع التغير

في بيئة إدارية تتغير بسرعة غير مسبوقة، لم يعد البقاء مرهوناً بالكفاءة التقليدية وحدها، بل بقدرة المؤسسات وقادتها على التكيف السريع والابتكار المستمر، ويشهد العالم

تفاصيل »