ميرتون، روبيرت

سيرته الذاتية:

ولد ميرتون، روبيرت في 5 يوليو 1910م في فيلاديلفيا ببنسلفانيا، وحصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة هارفارد عام 1936م، يعتبر ميرتون بدون منازع واحدًا من علماء الاجتماع البارزين في القرن العشرين. قام بالتدريس هناك لفترة قصيرة من الوقت في جامعة هارفارد، وكذلك في جامعة تولين لفترة سنة واحدة، انتقل بعدها في عام 1941م إلى جامعة كولومبيا، حيث تدرج في العمل الأكاديمي حتى حصل على درجة الأستاذية في عام 1974م، وهي درجة لها اعتبارها، وتقاعد عن العمل الأكاديمي عام 1979م. وهو عضو للعديد من الأكاديميات والجمعيات العلمية المحلية والخارجية – الأكاديمية الوطنية للعلوم، والجمعية الأمريكية لتطوير العلوم، والأكاديمية الملكية السويدية للعلوم – وهذا قليل من كثير من الأكاديميات ذات الأهمية. وحصل ميرتون على العديد من درجات الشرف في مجال تخصصه. وتميزت كتبه وكتابته للصحافة بالكثافة،. توفي ميرتون في 23 من شهر فبراير عام 2003م.

مساهماته:

في الواقع فإن مجالات الاهتمام التي تمت تغطيتها في كتابات ميرتون واسعة جدًا، فقد شارك في دراسة الدعاية للتفرقة العنصرية، والانحرافات والبيروقراطية. وربما كانت غالبية كتاباته في مجال النظريات الاجتماعية وعلم الاجتماع. وبالتالي فإن أعمالاً كثيرة له عالجت مسائل أدوات علم الاجتماع (النظريات) وكيف تم تطويرها، وتوحيدها وتحليلها وتطبيقها. وكان مدافعًا مخلصًا لعلم الاجتماع كعلم، وكان عمله كثيرًا ما يتناول ميزة هذا العلم.

وهناك العديد من المصطلحات أو التعبيرات التي ارتبطت بميرتون، وذلك إما لأنه قام بصياغتها، أو أن مناقشته لها أصبحت مرجعًا معيارياً. ومنها الآتي:

فرضية ميرتون: تم وضع هذه الفكرة من قبل ميرتون ضمن أطروحة كان قد أعدها من أجل حصوله على الدكتوراه. والأمر الذي حاولت أن تثبته هذه الفرضية هو تقدير الإبداع العلمي للقرن السابع عشر (جاليلو، ديكارت ونيوتون) كإنتاج ثقافي وتغييرات ثقافية. وعلى وجه التخصيص محاولته توضيح أن الطهارة (التبرئة من الإثم من خلال الأعمال وليس بالإيمان فقط) والضغوط الاقتصادية لتحسين الاستكشافات أثرت في تطوير العلم.

المجموعة المرجعية: يشير هذا المصطلح إلى مجموعة أو مجموعات داخل المجتمع، يمكن أن يستمد منها الفرد أخلاقياته. وأشار ميرتون إلى أن المجموعة المرجعية للفرد كثيرًا ما تكون أكثر أهمية في تحديد سلوكه، أكثر من المبادئ الأخلاقية السائدة في المجتمع. وهذه الفكرة نبعت من الدراسات التي أجريت على الجنود في الحرب العالمية الثانية، وكانت لها تطبيقات واسعة وربما تكون لها قيمة مشجعة في دراسة السلوك في داخل المنظمات.

المظهر والوظائف الكامنة: يشير هذا التعبير إلى حقيقة أنه توجد عواقب موضوعية يمكن ملاحظتها في عمل المجموعات الاجتماعية والمنظمات. وبعض هذه العواقب يبدو واضحًا لكل من في المجموعة وخارجها، وهي مقصودة ومرغوب فيها. وهذه هي الوظائف المظهرية. وبعض العواقب قابلة للملاحظة، لكن العاملين في داخل المنظمة وكذلك الناس خارجها أيضًا يفشلون في إدراكها، وأن هذه العواقب ربما تكون مرغوبًا فيها أو غير مرغوب فيها، إذا ما وضعت تحت عناية المنظمة، إلا أنها بلا ريب تكون غير مقصودة. لكن النقطة الحرجة بشأن هذه الوظائف الكامنة هي أنها تكون ضرورية وتنشأ عن الطريقة التي تنظم بها المنظمة. ويمكن فقط تعديلها بتعديل تنظيم المنظمة نفسها. واستشهد ميرتون بالتنظيم السياسي كمثال. والوظيفة المظهرية للتنظيم السياسي هي لكسب وامتلاك سلطة سياسية من أجل تعزيز رفاهية المشتغلين في التنظيم السياسي. وما فشل الإصلاحيون في إدراكه هو أنه في عملية تحقيق الأهداف فإن النظام يوفر قدرًا كبيرًا من الخير والخدمات التي تفيض على عدد كبير من الناس والذين يمكنهم الحصول عليها بغير هذه الطريقة. يحاول الإصلاحيون إقصاء الأشرار، لكنهم يدركون الوظائف الكامنة للنظام، ويفشلون في استبدال الخير والخدمات المفقودة. وهذا يخلق مطلبًا لعودة النظام ويسهمون في استمرارية دورات إصلاح النظام.

عزل الأهداف: هذا التعبير يعني بإيجاز استبدال الوسائل بالغايات. وبمعنى آخر، تصبح القيمة الثانوية هدفًا بحد ذاتها. ويستخدم ميرتون سلوك الناس في البيروقراطيات كأخلاقيات على أية حال. ومطلوب من البيروقراطي أن يكون عادلاً ونزيهًا في أدائه لمهامه، ومن ثم فإن الخدمة التي يقدمها تكون فرصة أفضل لإشباع احتياجات عملائه. ومن أجل ضمان العدالة والنزاهة، فإن القوانين تم استنباطها لتعمل على توجيه سلوكيات البيروقراطي. ومن خلال الاستخدام الطويل وتقويتها، فإن القوانين تصبح قيمة بالنسبة لهم، وبمعزل عن القيمة التي استنبطت أو وضعت من أجلها العدالة، فإن هذه القوانين تحل محل الهدف الحقيقي.

إن الصلة الوثيقة مع بعض هذه الأفكار الاجتماعية في مجال الإدارة العامة والشئون العامة تبدو واضحة. وفي الواقع فهي بدرجة من الوضوح بحيث يمكن أن يقال إن الإدارة العامة كعلم تعتبر فرعًا من فروع علم الاجتماع، أكثر من كونها مجرد فرع من المعرفة مواز له. ومن الصعب أن نتخيل أن الإدارة العامة ستعمل على تطوير نظرية علمية يمكن أن تكون قاصرة عليها فقط أو أن تكون نسيجًا وحدها دون أن تكون لها تطبيقات على النواحي الأخرى من الأداء الاجتماعي أو النظام.

ويتجلى الإسهام الرئيس لميرتون وتأثيره في مجال الإدارة العامة في تحليله لمشكلات البيروقراطية. وقبل وقت طويل من قبل كوفمان (1977م)، فقد أوضح ميرتون أن مشكلات البيروقراطية تكون بنائية وشاملة، على العكس من كونها مجرد نتيجة للفساد الفردي أو عدم الكفاءة. لقد ساعد عمل ميرتون أولئك الذين يعملون في مجال الإدارة العامة لأن يدركوا تعقيد مشكلة الاختلال الوظيفي البيروقراطي.

إن المصدر الرئيس لأفكار ميرتون الذي سيكون على وجه الخصوص مهمًا بالنسبة لطلاب الإدارة العامة هو كتاب: النظرية الاجتماعية والنظام الاجتماعي Social Theory and Social Structure, 1949.، والذي نشر أولاً عام 1949م ومنذ ذلك الحين تم تنقيحه والتوسع فيه مرتين. واحتوت نسخة عام 1968م على نقاش عن كل الأفكار التي جاء ذكرها أعلاه، ويعتبر هذا الكتاب هو أهم أعماله.

مسرد لأهم أعماله:

  1. Merton, Robert K., The Sociology of Science: Theoretical and Empirical Investigations, U. of Chicago and London, 1973. (This is a Collection of Essays and Articles Published Elsewhere).
  2. Merton, Robert K., Social Theory and Social Structure, Free Press, N. Y., (1949) 1968 Rev. and Enlarged.
  3. Merton, Robert K., The Sociological Ambivalence (And Other Essays), Free Press, N. Y., 1976. (Also A Collection of Earlier Work).
  4. Merton, Robert K., and Lazarsfeld, Paul, (Editors), Continuities in Social Research: Studies in the Scope and Method of the American Soldier, Free Press, Glencoe, Ill., 1950.

المصدر:

د. إبراهيم علي ملحم (2008)، علماء الإدارة وروادها في العالم: سير ذاتية وإسهامات علمية وعملية، (القاهرة: المنظمة العربية للتنمية الإدارية).

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

القائد والقيادة ونجاح الأعمال

تعد القيادة الأساس في نجاح واستدامة جميع الأعمال المؤسسية الربحية وغير الربحية. القائد الناجح يفوض السلطة وينمي اتخاذ القرارات في الموظفين بشرط أن يكونوا على

تفاصيل »

في زمن تتحول فيه الأفكار إلى ثروات، والعقول إلى سلع يتم تداولها في بورصات خفية… فمن سيكون السيد الجديد لعصر الاقتصاد المعرفي؟

الاقتصاد المعرفي.. حين تصبح العقول هي الثروة الجديدة: نعيش اليوم فيما يعرف بـ «عالم الاقتصاد المعرفي»، عالم تتسارع فيه الخطى وتنقلب فيه الموازين حتى بات

تفاصيل »

النجاة في عالم إداري سريع التغير

في بيئة إدارية تتغير بسرعة غير مسبوقة، لم يعد البقاء مرهوناً بالكفاءة التقليدية وحدها، بل بقدرة المؤسسات وقادتها على التكيف السريع والابتكار المستمر، ويشهد العالم

تفاصيل »