مومفورد، لويس

سيرته الذاتية:

ولد مومفورد، لويس في فلشنج بلونغ أيلاند في19 أكتوبر عام 1895م. وأكمل تعليمه العالي في مدرسة ستايفيسانت العليا، ثم بعد ذلك انتقل إلى مدرسة ليلية في كلية سيتي بجامعتي نيويورك وكولومبيا. والتحق بهاتين المؤسستين في الفترة 1912- 1918م ولم يحصل على أية درجة جامعية، وقلل فيما بعد من أهمية هذا المأزق عندما صرح قائلاً: إن فقداني للدرجة العلمية أصبح ميزة نافعة في أمريكا. إن درجة الدكتوراه هي علامة حتمية للقرون الوسطى… وأصبح في عام 1923م عضوًا – باستثناء خاص – بالجمعية الأمريكية للتخطيط الإقليمي. كانت هذه المجموعة مفيدة في تطوير مفهوم مدن الحزام الأخضر والتخطيط الشامل الذي تبنته سلطة وادي تينيسي. إن اهتمام مومفورد بتطوير المدن كان نتاجًا مباشرًا لعمله في جامعة كولومبيا مع باتريك جيدز، وهو مثقف يتميز باهتمامات متنوعة تشمل البيولوجيا وتخطيط المدن. وأصبح في عام 1924م محققًا مع لجنة نيويورك للإيواء والتخطيط، ونشر كتاب: العصا والحجارة Sticks and Stones، والذي عزا فيه فن العمارة الأمريكية للظروف الاجتماعية. وهذا الكتاب استهل مهنة ناجحة وطويلة ركزت على المجتمع والمدن.

يعتبر مومفورد كاتبًا ومؤرخًا لديه إسهامات متميزة لفهمنا لتاريخ التكنولوجيا والفن والمدن والفلسفة. لقي تقديرًا واسعًا ومشرفًا في عضوية جمعية الفلاسفة الأمريكية والمعهد الوطني للفنون والآداب، وقد كان زميلاً في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم. ومن بين تشريفاته العديدة الميدالية الذهبية الملكية للمعهد الملكي للمعماريين البريطانيين، وميدالية ايمرسون ثورو للأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، وميدالية هوبكنز الذهبية لمؤسسة سمسونيان، وجائزة توماس جيفرسون من جامعة فيرجينيا، والميدالية الوطنية للأدب. وعكست استجابته لهذه الجائزة التزامه الضمني للكتابة كشكل فني. توفي مومفورد في مدينة أمينا في ولاية نيويورك الأمريكية في 26 من شهر يناير 1990م.

مساهماته وتأثيره :

يمثل كتاب المدينة في التاريخ، أصلها وتحولاتها وتوقعاتها، The City in History, its Origins, its Transformations and its Prospects, 1961.، واحدًا من الكتب المهمة في دراسة الثقافات الحضرية للمدينة. وهو لا يعتبر استعراضًا للأشكال المادية لتخطيط المدينة فحسب، بل يقدم أيضًا أكثر من وصف لتطوير المؤسسات السياسية والاقتصادية المرتبطة بالمدن.

واقتبس مقولة مصرية قديمة وهو يصف مهمة مكتشفي المدن قائلا “ضع الآلهة في أضرحتهم”. وقد جادل في مسألة إغلاق مدينة التاريخ: إن مهمة المدينة القادمة ليست مختلفة جوهرياً، إن مهمتها هي وضع أعلى اهتمامات الإنسان في مركز كل أنشطته، لتوحيد أجزاء الشخصية الإنسانية المتناثرة، وتحويل الرجال ممزقي الأوصال البيروقراطيين والأخصائيين والخبراء والعمال مشوهي السمعة إلى أناس أسوياء وإصلاح الضرر الذي أصابهم. والآن لا يتعلق الأمر بإرادة حاكم فرد محدد، بل بالفرد والإرادة المشتركة وبمواطنيه لتحقيق المعرفة الذاتية، والحكم الذاتي والتفعيل الذاتي، والذي يجب أن يتجسد في المدينة. وليس الصناعة، بل التعليم هو الذي يجب أن يكون مركز اهتمام لأنشطتهم.

ودافع مومفورد في هذا الكتاب وفي عشرين كتابًا قام بتأليفها على أن المهمة الأخيرة للمجتمع هي تعزيز مشاركة الأفراد في المجتمع وبالتالي فإن الأفراد يكونون مفعلين ذاتياً.

ويمثل لويس مومفورد كاتبًا آخر من ضمن تقليد لكتاب يمارسون نقدًا ممتازًا عن طبيعة المجتمع والمدن ذات الإنسانية المشوهة. وهذا التقليد يشمل ايمرسون وثورو وملفيلي وهنري ادامز. وقد صنف في عام 1961م من قبل مجلة التايم بالنبي ارميا الثائر وبرسول الهلاك. وهذا الوصف يتغاضى عن سمته الخيالية. وهو يهتم بالأحياء الفقيرة والآفات والازدحام والتلوث، ليس بوصفها “مشكلات” بل كأعراض لضعف كامن في المجتمع. وقد ناقش مسألة إيجاد منهج شامل لحل مشكلات المجتمعات، مشيرًا إلى حكمة الإقليمية في التخطيط والحاجة لمعيار أطلق عليه “الميزان الإنساني”. وهذا الميزان يمكن أن يضع الحاجات الإنسانية فوق المعايير البنيوية للمطالب التصميمية والميكانيكية للمجتمع. وقد وعد بخلق بيئة ذات تفعيل ذاتي، وذلك في تصريحاته مثل: إن مستقبل حضارتنا يعتمد على قدرتنا في اختيار وضبط إرثنا من الماضي لنغير به مواقفنا الحالية وعاداتنا، ونضخ أشكالاً حية لكي يتم انسياب الطاقات بحرية.

وحقيقة إن اثنى عشر من كتبه العشرين – التي لا تزال تطبع حتى اليوم – تعكس السمة الثابتة لرسالته بالرغم من الطبيعة المناوئة للكثير من رسائله.

مسرد لأهم أعماله:

  1. Mumford, Lewis., The City in History: its Origins, its Transformations, and its Prospects. John Wiley, NY., 1961.
  2. Mumford, Lewis. The Culture of the City. Addison Wesely, Reading MA., 1938.
  3. Mumford, Lewis., Interpretations and Forecasts, 1922-1972: Studies in Literature, History, Biography, Technics, and Contemporary Society. 3rd  edition. John Wiley & Sons., NY, 1979.

المصدر:

د. إبراهيم علي ملحم (2008)، علماء الإدارة وروادها في العالم: سير ذاتية وإسهامات علمية وعملية، (القاهرة: المنظمة العربية للتنمية الإدارية).

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

القائد والقيادة ونجاح الأعمال

تعد القيادة الأساس في نجاح واستدامة جميع الأعمال المؤسسية الربحية وغير الربحية. القائد الناجح يفوض السلطة وينمي اتخاذ القرارات في الموظفين بشرط أن يكونوا على

تفاصيل »

في زمن تتحول فيه الأفكار إلى ثروات، والعقول إلى سلع يتم تداولها في بورصات خفية… فمن سيكون السيد الجديد لعصر الاقتصاد المعرفي؟

الاقتصاد المعرفي.. حين تصبح العقول هي الثروة الجديدة: نعيش اليوم فيما يعرف بـ «عالم الاقتصاد المعرفي»، عالم تتسارع فيه الخطى وتنقلب فيه الموازين حتى بات

تفاصيل »

النجاة في عالم إداري سريع التغير

في بيئة إدارية تتغير بسرعة غير مسبوقة، لم يعد البقاء مرهوناً بالكفاءة التقليدية وحدها، بل بقدرة المؤسسات وقادتها على التكيف السريع والابتكار المستمر، ويشهد العالم

تفاصيل »