سيرته الذاتية:
ولد غاردنر، جون في مدينة لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا الأمريكية عام 1912م، وتوفي عام 2002م. وربته أمه التي أخذت ابنيها في رحلة لمدة عام كامل عندما كان غاردنر في السادسة عشرة من عمره. وحصل على درجة البكالوريوس والماجستير في الآداب من جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا ودرجة الدكتوراه في علم النفس من جامعة كاليفورنيا في بيركيلي في عام 1938م. بعد تخرجه وحصوله على درجة الدكتوراه عمل في الفترة ما بين 1938-1942م بالتدريس بكلية كونيكتيكت للنساء في مدينة نيو لندن ولاية كونيكتيكت، وكلية هوليوك في ولاية ماساتشوسيتس. وخدم في العسكرية ما بين 1942-1946م، وقضى جزءاً من ذلك الوقت في مكتب الخدمات الاستراتيجية، وهي سلف السي آي إيه وعمل في واشنطن دي سي، وإيطاليا، والنمسا.
وبعد رجوعه إلى الولايات المتحدة عام 1946م قدمت له وظيفة في مؤسسة كارنيجي، ثالث أضخم مؤسسة في الولايات المتحدة في ذلك الوقت. وشغل منصب رئيس المؤسسة في الفترة 1955-1965م، أي في الوقت الذي رعى فيه العديد من المشاريع لتحسين التعليم. وطلب منه إبان حكم ليندون جونسون أن يرأس مؤتمراً في البيت الأبيض عن التعليم، ثم عين لاحقا وزيراً للصحة في الفترة 1965-1968م. وخاب أمله بسياسات حرب فيتنام، فترك غاردنر العمل في وزارة الصحة والتعليم والرفاهية العامة وأصبح رئيساً للتحالف الحضري الوطني في عام 1968م. وسحب التحالف إليه قادة من القطاع الخاص والعمل والمنظمات المدنية والدينية التي كانت تعنى بتدهور المدن.
وعندما أيقن بالحاجة لقاعدة أوسع من التأييد، تحالف مع جون روكفيلر ونروتون سيمون وبعض من الموسرين الآخرين المناصرين لينشئوا منظمة القضية المشتركة، وهي المنظمة التي ارتبطت باسمه حتى اليوم. وعمل رئيساً لمنظمة القضية المشتركة في الفترة 1977-1970م. حتى الزمن الذي تقاعد فيه ليعمل مستشاراً ومرشدًا للعديد من المشاريع في القطاعين العام والخاص وغير الربحي. ونشط في العديد من القضايا المتنوعة كمتحف الفن الحضري، وشركة شل للنفط، والأكاديمية الوطنية للتعليم. وأقام مع زوجته في شيفي جيس بماريلاند.
مساهماته:
عندما كان غاردنر يعمل في مؤسسة كارنيجي، نشر كتابه الأول بعنوان: الامتياز هل يمكننا أن نتساوى ونمتاز أيضاً؟ Excellent: Can we Equal and Excellent too? وبحث فيه عقدة الديموقراطية الأمريكية التي تجسدها العبارة التالية: “كل الرجال خلقوا متساويين، وأفضلهم هو الذي يفوز”. وعلى الرغم من أن المساواة تعتبر قيمة أساسية، فقد شعر غاردنر أن عبارة “قدر وافر من المساواة” يمكن أن تعني نهاية البحث عن الامتياز. وكان يعتقد أنه من الملزم لمجتمعنا أن يسمح لكل الأفراد ويشجعهم ليقوموا بتطوير إمكاناتهم الكاملة، حتى لو كان هذا يعني أن القليلين سيتفوقون على الآخرين لمواهبهم العظيمة التي يتمتعون بها. واقترح في المقابل أن هذه “الأرستقراطية الطبيعية” يجب أن تلزم نفسها بإصلاح المجتمع ككل. وقد صرح قائلا “إن فكرة الإنجاز الفردي ضمن إطار من الأهداف الأخلاقية يجب أن تصبح في أول اهتماماتنا، واستغراقنا الوطني وولعنا وهاجسنا”.
وبحث كتابه الثاني “التجديد الذاتي: الفرد والمجتمع المبدع”Self-Renewal: The Individual and the Innovative Society العوامل التي تؤدي إما إلى إحياء أو فساد المجتمع. إن القسوة والتعقيد واللامبالاة والفراغ الأخلاقي تعتبر عوامل رئيسة تسهم في الفساد الاجتماعي. وعكس ذلك، فإن التكيفية والتعددية والاستغلال الذاتي للفرد والابتكار، ووجود هدف كلها ميزات للأفراد والمجتمعات القادرة على التجديد الذاتي المستمر. وطالب المؤسسات التربوية والمنظمات بمعناها الواسع بخلق ظروف تشجع التجديد الذاتي.
وبعد توليه لمنصب وزير الصحة والتعليم والرفاهية العامة، كتب غاردنر: لا توجد انتصارات سهلة No Easy Victories واسترداد الثقة بالنفس The Recovery of Confidence. وعكس الكتابان اهتمامه المتواصل بالفرد. وتعرض كتاب “لا توجد انتصارات سهلة” لقضية كيف يمكن أن تخدم التكنولوجيا الإنسان بدلاً من إضعافه. وقد ختم قائلا: إننا نحتاج إلى “شراكة جديدة” في الحكومة المحلية والوالية والقطاع الخاص والتطوعي، حيث نعتبر كلنا شركاء متساويين. وقد صرح قائلا “إننا نحتاج إلى الشعور بالمشاركة أكثر من أي شيء آخر”. وأهم شيء في هذا المجال هو التعليم والمشاركة الفاعلة للمواطن الفرد. وهو يؤمن فيما يتعلق بهذا الجانب أنه بتحكمنا في مجتمعنا المعقد نستطيع كبح أي ميول تجاه تجريد الأفراد من صفاتهم الإنسانية وبالتالي تطوير مجتمع يمكن إدارته ويكون مناسبًا للناس.
إن الامتداد الطبيعي لهذه الفلسفة هو تطوير القضية ذات الشأن المشترك ومنظمة فعل مواطن. وفي عمله الرابع المهم “القضية المشتركة” Case Common يوضح غاردنر الهدف من المنظمة، فهو ينوه عن إنجازات وكذلك مهام يجب إكمالها. وتشمل المشكلات التي يركز عليها انتباهه: مجموعات المصالح الخاصة ونظام الأقدمية وسرية الحكومة والافتقار إلى السلطة وصعوبة وصول المواطن إلى الحكومة.
ونشر عام 1978م عمله الأخير المعنويات 1978 ,Morale وصرح فيه قائلا:ً “إن واجبنا الآن هو إعادة تكوين مجتمع محفز”. والخطوات التي اقترحها كانت بشكل أساسي هي عبارة عن تكرار الأفكار التي قدمها في أعمال سابقة.
والعديد من الأفكار الرئيسة جاء ذكرها من خلال أعمال غاردنر. وتشمل الآتي:
- الحاجة إلى قيم اجتماعية قوية ومحددة بوضوح.
- الاهتمام بتطوير الأفراد للإفادة من قواهم الكامنة إلى أقصى درجة.
- الحاجة لتقبل الأفراد تحمل المسئولية، والالتزام بالأسرة والجماعة والمجتمع بوجه عام.
- التجديد الذاتي للفرد وإحداث التجديد في المجتمع.
- تأثير التكنولوجيا والمنظمات المعقدة في الفرد.
- الحاجة إلى مراقبة وإعادة بناء المؤسسات (بما في ذلك الحكومة نفسها) حتى يشعروا بمسئوليتهم تجاه الاحتياجات الإنسانية.
- الحاجة إلى تطوير قيادة قادرة.
وأخيراً فإن الفكرة الرئيسة التي تهيمن وتقدم الخيط لكتاباته هي: الاحتياج إلى مواطنة مثقفة وملتزمة ومشاركة. ويعتقد غاردنر أن غالبية المشكلات تكون مبنية على اللامبالاة والصرامة والافتقار إلى الالتزام، ويكمن الحل في المشاركة الفاعلة للأفراد المحفزين في أن تكون هناك قضية مشتركة.
أهميته:
كثيراً ما يوجه النقد إلى أعمال غاردنر وتوصف بأنها غامضة وغير واضحة وفيها نبرة أخلاقية مبالغ فيها وخيالية. وفي الواقع هناك القليل الذي يمكننا أن نتجادل فيه في مقالاته، والذي يعمل على ترقية القيم الاجتماعية ومشاركة المواطن.. إلخ. إن تحليله للمشكلات اعتبره الكثيرون تحليلا سطحيًا، وإن حلوله التي اقترحها مبسطة كما لو أن هناك اعتقادًا قويًا في الحاجة إلى قيم يمكنها بطريقة أو بأخرى أن تؤدي إلى إحياء القيم في داخل تحدث جميع الأمة نحو المشكلات المجتمع. لكن هناك آخرين اعتبروه بليغاً، يشد انتباه ا المستعصية ونحو تحديات بعث التجديد في المجتمع. ويخاطب غاردنر في كتاباته نطاقً واسعًا من القضايا الاجتماعية. ونظراً لمكانته الاجتماعية والسياسية الرفيعة فإن أعماله تقرأ من قبل شريحة واسعة من الشعب الأمريكي. وكثي ًرا ما تقتبس أفكاره من قبل مناصري القضايا التقدمية.
ربما أكثر ما يجعل غاردنر حاضراً في الذاكرة هو أفعاله أكثر من كتاباته. وقد ركز بوصفه رئيساً لمؤسسة كارنيجي على جودة التعليم والإصلاحات المتفرقة التي أثرت في التعليم العام في أمريكا. وبوصفه وزي ًرا للصحة والتعليم والرفاهية العامة إبان رئاسة جونسون، فقد كان يعتبر مهندس “المجتمع العظيم”. كانت أفكاره منسجمة، وفي الواقع كانت المحفز لحركة مشاركة المواطن التي أثرت بعمق في الإدارة العامة في أواخر الستينيات والسبعينيات.
ربما أفضل ما يعرف به غاردنر هو منظمة القضية المشتركة، وهي منظمة غير ربحية وغير حزبية تمثل المصلحة العامة التي أسسها في 1970م. وصممت المنظمة لتجعل الموظفين الحكوميين والمنتخبين أكثر استجابة للمواطن العادي. وبينما يكون من الصعب عمل قياس دقيق للإنجازات، فإن منظمة القضية المشتركة قد أسهمت بشكل كبير في إحداث إصلاحات جوهرية في نظام الأقدمية في الكونجرس، وحسنت من تطبيق الكشف عن الحملات الانتخابية، وقللت من تمويل حرب فيتنام، وأقرت قانون إصلاح الخدمة المدنية. وتضم المنظمة الآن ما يربو على 260000 عضو ناشط في خمسين ولاية.
على الرغم من أن البعض لم يعتبروا جون غاردنر قد أضاف إسهامات حقيقية عظيمة إلى نظرية علم الإدارة العامة، إلا أنه أثر بشكل جوهري على تطبيق الإدارة العامة من خلال كتاباته وأفعاله.
مسرد لأهم أعماله:
- Gardner, John W. Excellence: Can we be Equal and Excellent too? (New York: Harper and Row, 1961).
- Gardner, John W., Self-Renewal: the Individual and the Innovative Society, New York: Harper and Row, 1964.
- Gardner, John W., No Easy Victories, New York: Harper and Row Publishers, 1968.
- Gardner, John W., Morale, New York: W.W. Norton and Company, Inc., 1978.
- Gardner, John W. Leadership Papers/1-12. Washington D.C.: Independent Sector, 1986-1988.